(افتح قلبك مع د. هبة يس).. أضحى بمين؟

الأربعاء، 26 فبراير 2014 01:14 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. أضحى بمين؟ هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسل (أ) إلى "افتح قلبك" يقول:

أنا طبيب شاب عمرى 32 سنة, متزوج منذ 8 سنوات تقريبا, من زميلة لى فى الكلية بعد قصة حب طويلة, صمدنا سويا أمام كثير من الصعوبات التى كان معظمها ماديا, واجتزنا أوقاتا عصيبة كثيرة حتى نصبح معا, وكل من كان يرانا أو يعرفنا كان يتمنى لنفسه أن يكون مكاننا, فقد توقعنا وتوقع الجميع أن نعيش فى سعادة لا حدود لها.. ولكن ذلك لم يحدث بكل أسف..

فقد دبت الخلافات بيننا بعد أول شهر, وكأننا لم نكن نعرف بعضنا من قبل, فقد شاء الله أن يتم اكتشاف ورم بالمخ لدى زوجتى, الأمر الذى تطلب علاجا مكثفا, وجراحة كبيرة, أصر أهل زوجتى على أن تتم فى مستشفى خاصة وكبيرة, قلت لهم صراحة أنى لا أملك تكاليف هذه المستشفى, لكنهم قالوا لى حينها أنهم هم من سيتكفلون بها, فوافقت.

وإذا بى بعدها أعرف أنهم كانوا قد اقترضوا مبلغ العملية من بعض أقاربهم, وأنهم يطالبوننى بسداد الدين عنهم, فأسقط فى يدى بالطبع, فمن أين لى هذا؟, فحدثت قطيعة بينى وبين أهل زوجتى، وانتهى الأمر إلى أن زوجتى هى التى ستسدده عن أهلها بالتقسيط من راتبها الخاص, ومنذ ذلك الحين وزوجتى تفعل كل شىء من نفسها وبطريقتها وبدون حتى أخذ رأيى فى أى شىء, وكأنها أصبحت مستقلة عنى وعن بيتنا تماما.

حدثت فجوة بيننا فى هذا الوقت, وأصبحت تزيد مع الأيام وأنا أراها تبتعد عنى يوما بعد يوم, حاولت اللجوء إلى أهلها، ولكنهم لم يتعاطفوا معى بكل تأكيد ولم يتغير شىء.

وضعت همى فى عملى, كنت أتخلص من حزنى وإحساسى بالصدمة بالعمل لساعات أطول, كنت أشعر أنى خدعت, وأنى ارتبطت بإنسانة لم أكن أعرفها حقا, أصبحت أفكر فى أحلامى وأخطط لمستقبلى بمفردى بعيدًا عنها, لأنها دائما بعيدة أو معارضة أو ناقدة لكل تفكيرى.

احتدمت الخلافات بيننا وهى حامل, وكنت قد قررت تطليقها فعلا, لكن أهلى رفضوا وضغطوا على حفاظا على مستقبل المولود الذى لم يرَ الدنيا بعد, فصبرت حتى تمت الولادة, فإذا بها تعتقد أنها بذلك قد ربطتنى إلى جوارها وضمنتنى إلى الأبد, إلا أن ذلك لم يمنع حدوث الطلاق بعد الولادة بفترة بسيطة.

تدخل الأهل وعدنا مرة أخرى, وجاء المولود الثانى, لأجدنى مشتتا أكثر وأكثر, فأنا أشعر بأن مشاعرى نحو زوجتى قد انتهت بلا رجعة, وها أنا الآن أعيش من أجل أولادى فقط, لا أنكر أنى قد حققت الكثير من طموحاتى وأحلامى المهنية, فأنا ناجح جدا فى عملى والحمد لله, لكنى دائما حزين وتعيس ويلحظ الجميع ذلك على وجهى، وأنا الآن فى حيرة من أمرى.. هل أضحى بنفسى من أجل أولادى؟ أم أضحى بأولادى من أجل سعادتى؟

وإليك أقول:

ترى ماذا سيكون رد فعلك أنت لو كنت مكان والد زوجتك لا قدر الله؟ ألن تكون حريصا على أن تتلقى ابنتك أفضل رعاية وأحدث علاج وفى أرقى الأمكنة؟, حتى ولو كان هذا بمقابل مادى كبير؟, ألن تقبل بأى وسيلة تعطيك ولو بعض الأمل فى أن ابنتك ستتعافى وتتخلص من مرضها وتعيش؟ من المؤكد أنك كنت ستفعل, فلا عيب إذا فى حرص أهل زوجتك على علاج ابنتهم فى مكان خاص ذى تكاليف عالية.

ربما هم أخطأوا عندما طالبوك بسداد نفقات العلاج الباهظة تلك وأنت فى بداية حياتك, لكنهم تداركوا الأمر وقاموا هم بذلك عنك _ لأنه شرعا وعرفا وإحقاقا للحق دورك ومسئوليتك_ أما بخصوص أنهم اقترضوا هذا المبلغ, فليس فى هذا عيب أيضا, فمن الواضح أن المبلغ لم يكن بحوزتهم فى هذه الأثناء, وعندما تعذر عليهم سداده لجأوا إلى ابنتهم لتفعل ذلك عنهم, وللمرة الثالثة لا عيب فى ذلك, طالما أنها ستفعل ذلك من حر مالها وليس من مالك أو بدون علمك.. ما الذى يضايقك فى هذا؟ وكيف كنت تريدهم أن يتصرفوا؟ يكتفوا بوضع أيديهم على خدهم بعد أن يرموا ابنتهم فى غيابات المستشفيات الحكومية المظلمة _التى تعلمها أنت كطبيب جيدا_ بحجة أنه لا يوجد المال الكافى؟ هل كنت تريد منهم ذلك؟ لا أقول أنك مذنب وأنهم محقون, لكن فى هذا الموقف تحديدا هم تصرفوا كما كان سيتصرف أى أب وأم يرون ابنتهم وهى فى ريعان شبابها تقع فريسة لهذا المرض اللعين.

لم أفهم شكواك من أنه من ذلك الوقت وقت مرض زوجتك_ وزوجتك أصبحت تتصرف كيفما تشاء بدون أخذ رأيك؟ تتصرف فى ماذا بالضبط؟, هل تقصد أنها أصبحت تعمل أكثر من ذى قبل أو فى أماكن وبمواعيد مختلفة مثلا؟ أم أنك تقصد أن قراراتها دائما ما تأخذها بعيدا عنك؟ إن كنت تقصد الأولى فأنا لا أوافق أى زوجة تعمل بغير اتفاق مع زوجها بالطبع, لكن فى وضع زوجتك أنت بالتحديد هناك ما يبرر تصرفها هذا, فهى كما قلت أنت مسئولة عن سداد دين والديها الكبير, والذى كان مرضها سببا فيه من الأساس, فربما كانت تفعل ذلك وبدون أخذ رأيك لأنها مطاردة وتسابق الأيام لتتخلص من عبء هذا الدين.

أما إن كنت تقصد الحالة الثانية, فأنا أيضا لا أوافقها الرأى, ولكنها وإن كانت كذلك فمن المؤكد أن هذا طبع أصيل فيها, ومن المؤكد أنك اختبرته ولاحظته من قبل أثناء فترة الدراسة, أو قبل ارتباطكما الرسمى, ألم تقل أنكما ارتبطما بعد قصة حب طويلة؟ فكيف لم تنتبه له إلا الآن؟ وبصرف النظر عن كون هذا الأمر طبع فيها أم أنه شىء جديد ومكتسب, فهو له مبرره أيضا, والذى قد يكون فاتك لأنك لست امراة, فالمرأة إذا شعرت أن رجلها لم يكن موجودا لها وقت حاجتها, تنعزل عنه, وتستغنى نفسيا ومعنويا عن خدماته, وتحاول إبداء الاستقلال والقوة بعيدا عنه, لأنها لا تريد أن تصدم فيه وتجرح منه مرة جديدة, وربما شعرت زوجتك بهذا الشعور عندما لم تشارك فى نفقات علاجها مثلا.

للمرة الثانية أنا لا أتهمك أو ألقى عليك الذنب, فأنا أتفهم تماما أنك فعلا لم تكن قادرا حينها, لكن المشاعر لا تحسب بالعقل والمنطق, وربما يكون انعزال زوجتك عنك وشعورك بأنك سيدة قرارها مجرد رد فعل لإحساسها بأنك لم تكن بجانبها وقتما احتاجتك.

وبعيدا عن كل هذا.. وبخصوص عدم سعادتك مع زوجتك, وسؤالك بمن تضحى؟ لك أن تتأكد يا سيدى أن لكلا الخيارين ثمنا سيدفع, فإذا بقيت على حالك ستدفع الثمن على هيئة هواجس تنتابك من حين لآخر, تذكرك بعدم سعادتك, وبأنك كنت تستحق حياة أفضل, أو حبا أكثر, إلى آخره من الأمنيات والأحلام التى تفتقدها, وإذا قررت إنهاء هذا الزواج والبحث عن سعادتك فى علاقة أخرى, فستدفع الثمن حينها على هيئة تشتت أبنائك وبعدك _ الأكيد_ عنهم, وربما إحساس بالذنب تجاههم يلازمك مدى الحياة, أعرف أن كلاهما مر, لكن أنت وحدك من يستطيع اختيار الثمن الذى تطيق دفعه.

عادة عندما ترسل زوجة ما رسالة مشابهة لرسالتك, تشكو فيها من عدم سعادتها مع زوجها, أنصحها بالمحاوله بعد المحاولة, وتجربة كل شىء لم تجربه من قبل, فإن لم تفلح وتنصلح الأحوال أنصحها بأن تجعل لحياتها محاورا ومجالات وأهدافا متنوعة, مختلفة وبعيدة عن حياتها الزوجية, فهذا من شأنه أن يقلص تركيزها على مشاكلها مع زوجها, وأن يدعمها معنويا لأنها ستنجح فى مجالات أخرى غير الزواج, مما سيساعد بكل تأكيد فى علاقتها الزوجية، ولكن بشكل غير مباشر.

وسأنصحك بنفس الأشياء, فكر فى التفسير الذى فسرته لك لتصرفات زوجتك, فربما يكون صحيحا وتستطيع استيعابه وإدراك آثاره, وإن لم يكن صحيحا فعليك بالمحاولة أكثر من مرة معها, بالكلام وبغيره, وإن لم تفلح, فجرب أن تقلل تركيزك على مشاكلك الزوجية بعض الشىء, وإن لم تفلح أيضا وبعد كل هذا.. فلك مطلق الحرية, لكن على أن أنبهك أنه ليس مضمونا أن تجد النعيم الذى تحلم به بعد أن تنهى هذه العلاقة، وتهدم هذا البيت, فمن الممكن أن تخسر كل شىء, لهذا أرجوك أن تفعل كل ما بوسعك قبل الوصول إلى هذا القرار.

للتواصل مع د. هبة و"افتح قلبك": h.yasien@youm7.com









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة