الانبا ارميا

"الصبر"

السبت، 06 ديسمبر 2014 12:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وبينما الإنسان يعيش الحياة، يسير فى طريق قد تعترضه فيه مواقف تؤلمه، أو تسبب له الإحباطات، أو ربما تؤدى به إلى الاعتقاد أنه فشل؛ فتجتاحه مشاعر رفض لما يحياه من واقع. فإن كنتَ لا ترضى عن واقعك، فسِرْ فى طريق "الصبر" بين جنبات الحياة وأنت تحمل فى أعماقك أملا؛ فقد قيل: "بين الواقع والأشياء الجميلة طريق يسمى «الصبر»".

والصبر هو أحد أسرار النجاح؛ فما يريد الإنسان أن يحققه من أهداف وأعمال يحتاج إلى تحمل طويل المدى؛ لأن رحلة الحياة فى دروبها تمتلئ بالأحجار، والجبال، والوديان، وعبورها يحتاج إلى الاستمرارية، والنهوض من بعد السقوط، وأن تحمل داخلك إصرارًا وتحديـًا للوصول؛ وكل ذٰلك لا يتحقق إلا بالصبر. فقد قيل: "لا تتم الأعمال العظيمة بالقوة ولٰكن بالصبر". وقد يعتقد البعض أن القوة بأنواعها المتعددة هى ما تحقق للإنسان أمانيه وتصنع له إنجازاته. ولٰكن لو كان الأمر هٰكذا، ما كنا وجدنا فى حياتنا أبطالا وعباقرة وعظماء. أن التاريخ يرسم لنا صورًا من حياة العظماء الذين كان الصبر سر أسرار ما حققوه من إبداعات. وإن كانت العبقرية هى ـ كما عبر عنها المؤلف الروائى القِصصى الأمريكى "فرانسيس سكوت كى فيتزچيرالد": "القدرة على تفعيل ما يدور فى ذهنك وتنفيذه"، فإن المخترع والعالم "توماس أديسون" ذكر أنها واحد فى المئة إلهامـًا و تسعة وتسعين فى المئة عَرقا!! وهٰكذا فالإنجازات تتحقق بالعمل المستمر، بلا كلل، الذى يشدده ويقويه الصبر.

وأيضـًا الصبر يهب للإنسان قدرة على التماسك فى التصرف والتعامل إزاء ما يلاقيه من مواقف، وهو الأمر الذى يُمْكنه أن يكتسبه مع الوقت بتدريب نفسه؛ فيصبح قادرًا على تصريف أمور حياته بطريقة صائبة بالرغم من كل الضغوط التى قد يتعرض لها. وهٰكذا بصمود الإنسان وتماسكه، يصير حكيمـًا فى اتخاذ القرارات، وتكون مواقفه إيجابية تبنى لا تهدم، وتقوِّى لا تُضعف. ومع الصبر يكتسب الإنسان الصلابة فيستطيع أن يبُث فى الآخرين روح العزيمة والإصرار فيساعدهم بفعّالية واقتدار كبيرين، ويكون مؤثرًا فيمن حوله، ويرسُم بخطى صبره طريقـًا لهم يُقتدى به؛ فمن من البشر لا يذكر أيوب البار الذى صبَر فى الحياة إلى أن عبرت آلامه عنه، فيمتلئ الإنسان من قصته إيمانـًا وتعزيةً وأملـًا.

وفى معاملات الحياة اليومية، يحتاج الإنسان إلى الصبر أيضـًا لتفهم الآخر ومعرفته على نحو حقيقى، ما يمكِّنه من إقامة الحوار والتعامل بأسلوب ناجح، وكلاهما يساعد فى اجتياز العقبات ونمو التفهم والقدرة على العمل معـًا ومن ثم تحقيق النجاح.

قارئى العزيز: أن كنتَ تفتقر إلى الصبر، فدرِّب نفسك على اقتنائه؛ فإنه سر أسرار الحياة!! ومن أجمل ما قرأت عن الحياة والصبر: "عندما تُرهقك الحياة ألمـًا وعملـًا؛ اِرهقها أنت صبرًا."!!


• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مقال رائع كالعاده - ياعزيزى احنا اصبحنا تماثيل من كتر الصبر

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

دكتور ميشيل فرج

فاقد الشي لايعطية

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة