أكرم القصاص - علا الشافعي

حازم صلاح الدين

رسائل من وجع قلب مصر

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014 08:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
افتحوا يا حمام كراريس الرسم.. ده حمامة شهيدة بتتقدم.. بتصلى وبتتفتح المرسم.. ترسم عصفور بيعدى عصور.. يحلم بمدينة من البنور.. ترسم مراجيح ما تهاب الريح.. ملعب أطفال بسلالم عاج.. والعالم عاقل مش مجنون.. ولا يمكن طلقة هترسم كون.

ولا تقدر تخلق خط ولون.. ولا تمنع شمس تضم غصون.. راح نرسم سرب حمام بيطوف.. بيدق بمناقيره فى دفوف.. يصحى ضمير البشرية.. إزاى هيكون إنسان بصحيح.. من غير ما يقول الرأى صريح.. من غير ما يغنى بحرية».. هذه كلمات الشاعر نبيل خلف، وتغنى بها «الملك» محمد منير، فهذه الأغنية من وجهة نظرى تجسد حالة الإنسان فى حربه للتعايش مع الحياة.

ما حدث منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وحتى الآن من سقوط شهداء فكرة أو تعبير عن رأى أو تأدية خدمة حماية الوطن فى الجيش والشرطة وضحايا إهمال، وكان آخرهم حادثة البحيرة التى راح ضحيتها 17 طالبا يؤكد المعنى الحرفى لهذه الكلمات، فصوت الحق يجب أن يكون قويا حتى يتصدى للظلم ويصحى ضمير النفس البشرية الطامعة فى الدنيا.

الدموع التى سقطت من كل أم لفقدان ابنها، يجب أن تجعل كل واحد منا يبحث عن ضوء خافت ينير به طريقه وسط العتمة من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا، فكل دمعة من دموع الأمهات تطالب «قلب الوطن الموجوع»، بتوجيه رسائل للجميع.

(1) إلى الحكومة وأى مسؤول فى البلد: العمل على المصلحة العامة والاستماع إلى صوت الضمير ورفع الظلم عن المظلوم وخدمة الفقراء وعدم إقحام السياسة فى أى مجال حياتى آخر.. هم «عنوان النجاح»، فقوموا بواجبكم نحو مستقبل الوطن حتى يٌرفع اسم مصر عالياً أمام العالم.. ذلك سيكون الحصانة لكم أمام الشعب.

(2) إلى الشباب: يجب أن يكون النظر إلى جوهر الأشياء وليس إلى مظهرها الخارجى لأن فى كثير من الأحيان تكون المظاهر خادعة، وأن يكون هدفكم الأول هو تعليم تقاليد الدين الصحيحة، ثم الولاء للوطن والإصرار على العمل والنجاح.

(3) إلى الكبار: يجب أن يعلم الجميع بأن كل جيل من الأجيال المتعاقبة يتميز بخصائص معينة يختلف فيها عن الأجيال السابقة واللاحقة، والاختلاف يعود إلى القناعات والأفكار ووجهات النظر، وإلى تداخلات الواقع المعاش.. وأكيد الخبرة له دور مهم جدا فى حياتنا، ولكن التشبث بالرأى وعدم الاستماع إلى رغبة الشباب والتحاور معهم بجدية أكبر خطأ قد يدمر أوطان، فيجب نقل الخبرة بروح شبابية لأنها الطريق الوحيد إلى سكة السلامة، فهيا بنا للعمل يدا واحدة للوصول إلى بر الأمان.

(4) إلى أبناء القوات المسلحة والشرطة والأطباء والمهندسين والعمال والإعلاميين والرياضيين والفنانين وكل أصحاب المهن الأخرى: «العمل شرف.. والضمير مهنة».. فلن ننهض بدون جدية العمل ومراعاة الضمير.

(5) إلى الشيوخ والقساوسة: ابعدوا عن السياسة واحرصوا على تعليم المفهوم الحقيقى لكل الأديان السماوية التى ترفض التعصب وتنادى بالتسامح وبالحب لا الكراهية، بالحوار لا الصدام، بالرفق لا العنف، بالرحمة لا القسوة، بالسلام لا الحرب، ولا تحث على المدى خطوا فى هذا الطريق الذى يؤدى بالجميع إلى الهلاك دون المصلحة العامة للبلاد، فالتسامح يحتاج ما يعززه، كأرضية مناسبة نستطيع التحرك عليها وتمنحنا حق التعبير وحق الاختلاف والتحلى بالقدرة على الاستماع للرأى الآخر، باختصار تحتاج مساحة حرية تضمن أن يتحقق عليها التسامح الذى نادت به كل الأديان.

(6) إلى كل الأصدقاء والأهل الذين فرقتهم انتماءاتهم السياسية: لا يستطيع أى شخص أن يعيش بمعزل عن عواطفه، فالعواطف كثيرا ما تتحكم فى تصرفاتنا وتفكيرنا، ومع ضغوط الحياة نتعرض لكثير من المواقف: نحزن، نفرح، نفكر، نختلف، نقلق، ونتيجة لذلك نبدأ فى البحث عن أى وسيلة من أجل الهروب من الحالة النفسية التى نتعرض لها تحت هذه الضغوط، والوسيلة الوحيدة هى العودة إلى الفكرة الأصل أننا كلنا إخوة فى الوطن.

(7) إلى أصحاب المصالح الراقصين على جثة الوطن والساعين فسادا فى الأرض: مهما طال الزمان وأنتم تعتقدون أنكم الرابحون دائما فإن ذلك بداية السقوط، ولكم فى ثورة يناير عبرة، ولكن ليعلم الجميع أن هذه الفئة إذا لم يتم التصدى لها بحسم من أى نظام حاكم فستقودنا فى نهاية المطاف إلى نظام قمعى يغتصب براءة الوطن ويجعلها مفسدة تأكل الأخضر واليابس، فيجب اليقظة الدائمة. فى النهاية يجب أن نعى جميعاً بأن السياسة فى الأساس هى ليست ديانة ولا مذهب ولا نظام اجتماعى أو اقتصادى، بل هى قيمة حياتية ورؤية إنسانية يشارك فيها الإنسان الغنى والفقير، المعلم والمهندس والطبيب والفلاح والعامل والطالب.. إلخ، كلهم يعبرون باختلاف أجناسهم وأديانهم عن آرائهم التى قد تتسق مع الواقع، أو تدخل فى صدام مع النظام الحاكم، وأعلم جيدا أنه من الصعب أن تتحقق هذه الرسائل لأننا نعيش فى الحياة التى هى بطبيعة الحال ستظل مليئة بالخير والشر ومع أناس مختلفة الطبائع منها الضعيف أمام أطماع الدنيا ومنها ما يتماسك، لكن الأهم هنا هو الاستمرار فى مؤازرة الخير ضد الشر وعدم اليأس فى البحث عن حياة كريمة لجميع أبناء الوطن.. وبين ذاك وذلك ستظل الحياة مستمرة بخيرها وشرها حتى وصولنا إلى محطة نهاية الدنيا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة