د: فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: حبٌ مشروع

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014 10:17 م
د: فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: حبٌ مشروع أم تحتضن ابنها - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
موطن الألم هذا القلب الذى أغلق عليه جدرانه واكتفى بالصمت والحزن غير المعلن عنه..
يتألم كلما جدّ.. جديد.. يجدد عليه أحزانه الكامنة ويوقظها من سباتها العميق..
إنه ليس بخير
عندما يسمع أحد ما ينادى أُمه
أو صغير تُداعبه والدته..
يرى صورة أمه فى كل شىء وُفق فيه..
وفى كل شىء حُرم منه..
يرى دعواتها تتجسد فى مواقف حياته..
كان لها كل شىء..
و كانت كل شىء فى حياته..

حتى تركته وحيدًا تتلاطمه الحياة وتنال منه لياليه الموحشة وجدران بيته الصامتة وبقايا عطر والدته المتناثر.. تتجسد له والدته عندما يعد كوب الشاى صباحًا ويسمعها تقول له كما كانت تقول له دائمًا.. كل شىء ولو كسرة خبز قبل أن تشربه.. فيفعل كما كان يفعل فى كل مرة فيتناول قطعة البسكويت المغلفة الموضوعة على طاولة المطبخ بسرعة ثم يشرب الشاى ساخنًا مرًا يحرق له فمه وأحشاءه.. فتطلب منه بخوف "أن تمهل".. "لا تتعجل"..
لكنه ينزل من بيته مسرعًا وبيده كوب الشاى وفى قلبه وعقله دعوات أمه له بكل خير..
كانت تحبه أكثر من كل شىء.. وكانت لا تقبل معها فى حبه شريكة..
لعل خطأها العظيم فى حقه.. حين سلبت منه أمان زوجته وطمأنينتها فحولت بغيرتها على ابنها حياتها إلى جحيم.. لا يُطاق..
حتى استسلمت الزوجة ذات يوم وعادت إلى بيت أبيها مرة أخرى لكن هذه المرة مطلقة.. وشرطها الوحيد لزواجها الجديد.. رجل بلا أم
تسلب منها صفو حياتها.

فتلك الحرب التى عاشتها مع وحيد أمه لن تطيق خوضها مرة أخرى..
ما أقساها حين تركت ولدها وحيدًا بعدها؟!

ليتها تركت له من تهون عليه الحياة من بعدها..
ليتها تركت له أصدقاء.. أو جيرانا..
لكن خوفها الشديد عليه حال دون أن يجعلها تترك له شخصًا يتشبث به بعد فراقها..

ليتها الآن تعلم كيف أصبح..
وكيف أمسى..؟

كيف هى حياته جافة من دونها؟
حتى إن رأت ما صار إليه حاله فهى لن تندم على حبها الذى منحته له
ولا على حنانها الذى احتوته به..
ولا على خوفها الشديد الذى حمته به..
إنها لن تدرك يومًا أنها ظلمته حين أفسدت عليه حياته
لأنها ترى أن حبها له حبٌ مشروع..

وهى بدورها أغلقت على قلبها كل حب إلا ولدها
وكل ترف إلا فى مجابهة ولدها
وكل سعادة إلا فى القرب من ولدها
فمن الذى قد تسول له نفسه أن يلوم أم على فرط حبها لولدها!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة