(افتح قلبك مع د. هبة يس).. الحق على مين؟

الأربعاء، 29 يناير 2014 01:18 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. الحق على مين؟ د. هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (م) إلى افتح قلبك تقول:

"أنا سيدة فى الخمسين من عمرى، تزوجت عن قصة حب كانت مضربا للمثل عند كل من كان يعرفها، رزقنى الله بثلاثة أطفال من هذا الزواج، كانت حياتى جميلة ومستقرة إلى حد كبير، حتى سافر زوجى للعمل بدولة عربية، وقتها كانت بناتى لا زلن أطفالا، وكنت حامل فى ابنى الأخير.

لم نكن نعرف فى هذه البلد سوى أسرة واحدة، أو بمعنى أدق سيدة واحدة، فقد كانت زميلة دراسة لى، كنا نذاكر معا ونتزاور عندما كنا تلميذات صغيرات، وهى مطلقة ولها بنتان فى مثل عمر بناتى، كانت تعمل وتعيش بمفردها فى هذا البلد العربى منذ زمن، وطبعا فرحت بنا كما فرحنا بها شأن أى إنسان فى الغربة".

"تجددت بيننا العلاقات والزيارات والخروجات بحكم أن بناتنا من نفس الأعمار، وكالمتوقع لاحظت اهتمام زوجى بهذه السيدة بشكل زائد عن المعتاد، وكانت هذه هى بداية بعده عنى".

"وعندما ذهبت لولادة ابنى الأخير كانت هى معى، لا أنكر، لكنها كانت هى وزوجى والبنات ينتظرونى على باب غرفة العمليات وهم يأكلون (كنتاكى)، وياله من تعاطف شديد!".

حتى عندما نكون فى إجازة فى مصر لا تنقطع عن التواصل معنا، ومع زوجى بالطبع من وراء ظهرى، وكانت دائمة الإرسال بالهدايا إلى أولادى، خاصة أنها كانت تسافر كثيرا وإلى بلاد مختلفة بحكم عملها، فأسرت قلوب بناتى باهتمامها بهم، وبهداياها المبهرة المختلفة دائما".

"فى يوم من الأيام وصلتنى رسالة على هاتفى من ابنتى تخبرنى فيها بأنها سافرت هى وأختها مع والدهم إلى إنجلترا فى إجازة، وأنا كنت أعلم أن هذه السيدة هناك فى هذه الفترة، فتأكدت أنه ذاهب لها، وطبعا جن جنونى، لكن دون فائدة، فها هى تسيطر على زوجى وبناتى وقضى الأمر".

"بعدها بفترة قليلة عرفت بخبر زواجهما، تزوجا هناك فى إنجلترا فى تلك الإجازة، ورأيت صور احتفالهم بعينى، ولن تصدقى يا دكتورة أن بناتى كن فى الصور أيضا، يبتسمن للكاميرات وكأن ليس لهم أم يبكون مصيبتها".

انفصلت عن زوجى بعدها، وحدث بيننا طلاقا رسميا، ولكنه عاد بعدها بعامين يتصل بى ويطلب منى الرجوع من أجل الأولاد، لا أخفيكى سرا فرحت، وقلت إنها فرصة لتعود المياه إلى مجاريها، ليس فقط من أجل الأولاد، ولكن من أجلى أنا أيضا، فقبلت وعدنا مرة أخرى.

لم تختلف الحياة عن ما قبل الطلاق، فقد كانت الخلافات والخناقات هى السمة الأساسية لحياتنا، وكان الشك هو سيد الموقف دائما، ولكن الوقت مر، وعشنا معا حتى كبر الأولاد، تزوجت البنت الكبرى، وخطبت الوسطى، وأصبح ابنى الصغير فى الإعدادية، فإذا بى ألحظ تغيب زوجى عن البيت كثيرا، والنقص التدريجى لملابسه وأدواته من البيت، فإذا بى أعرف أنه أجر شقة أخرى وقرر العيش فيها بمفرده بعيدا عنى، والمصيبة الأكبر أن ابنتى الوسطى تذهب كثيرا للمبيت عنده والبقاء معه وتتركنى بمفردى، بعد أن قرر ابنى الصغر الذهاب للعيش مع والده بحجة أنه يذاكر له دروسه.

وها أنا بعد كل هذا العمر، خلفت وتعبت وربيت وأجد نفسى وحيدة بلا سند، خاصة أن ابنتى الوسطى ستتزوج قريبا وتذهب لبيت زوجها، ولن يعد هناك حتى من يفتح على الباب، وسؤالى الآن ماذا أفعل؟ هل أطلب الطلاق؟ علما بأن هذه ستكون الطلقة الثالثة؟ أم أظل هكذا معلقة حتى نهاية العمر؟

وإليك سيدتى أقول:
"قصتك صعبة ومؤلمة بكل تأكيد، والإحساس بنكران الجميل، وبُعد الأولاد عنك بعدما أصبحتى أنت من تحتاجين إليهم شعور قاسى طبعا، لكن اسمحى لى أن أقول لك إنى أشعر أن هناك حلقة مفقودة فى القصة، هناك شىء غريب لم تخبرينا عنه، وهو سبب اختيار الأولاد لوالدهم ولزوجته التى هى (ضرة أمهم) وتفضيلهم عليكى، هناك سبب بل وأسباب بلا شك، لأنه تصرف غير طبيعى، ومضاد للفطرة، فعادة ما يكون الأولاد، وبالذات عندما يكونوا أطفالا، أقرب إلى أمهم، وأكثر قربا إلى صفها، بل وأكثر تحفزا لكل من يعاديها أو يأتى عليها، إذا لماذا اختار أولادك العكس؟ هل كان لضعف تواصلك معهم؟ أو ربما لقلة الاهتمام بهم؟ أو للمعاملة السيئة لوالدهم؟ أيا كان السبب، لكن لا بد وأن يكون هناك سبب.

فقد يحب الأولاد أبوهم، وقد يوافقوه على فعله حتى وإن لم يكن يرضيهم فقط حفاظا على صلتهم به، لكنه ومع هذا لم يكن يمنعهم ذلك من التعاطف معك، والاهتمام بك، وتفضيل البقاء معك على البقاء مع غيرك، هذا هو الطبيعى والمتوقع، والذى يحدث دائما، فلا بد من وجود شىء غير طبيعى أدى إلى اختلال كل ذلك، أنت لم تذكريه لنا، ولن أطالبك بذكره، ولكنى أطالبك بمراجعة نفسك والصدق معها، والبحث عنه، ترى ما الذى باعد بينك وبين أولادك إلى هذا الحد؟

لفت نظرى إلى شىء مهم فى رسالتك، أنك قلتى إنك عرفتى بخبر سفر بناتك مع والدهم عن طريق رسالة، وهل من الطبيعى أن تعرف أم خبر سفر بناتها، وهن لا زلن صغارا، برسالة؟! أين كنتى وأين كانوا هم؟ ما الذى فصل بينكم وجعل التواصل بينكم عن طريق رسائل التليفون؟ ما الذى جعل بناتك يبتسمن للكاميرات فى عرس أبوهم؟ ما الذى جعلهم يقبلون على هذه الأخرى والتى من المفترض أنها غريمتك؟ ألا تعرفين يا سيدتى أن الطفلة بفطرتها تغار على والدها من أى أنثى أخرى؟ بل وقد تغار عليه أحيانا من أمها؟ ما الذى جعل بناتك الاثنتين يفقدا هذا الإحساس بالغيرة على والدهم مع غيرك؟ ألا يستحق كل هذا التساؤل وإعادة التفكير؟

سيدتى لا أريد أن أقسو عليكى أبدا صدقينى، وكلنا نخطئ كثيرا فى تربية أولادنا، ولكن لرحمة الله هناك فطرة سوية ترقق قلوبهم لنا رغما عن ذلك، فما الذى غير هذه الفطرة عند أبنائك؟ قد تكون زيارات بنتك الوسطى لأبوها ومبيتها عنده من الحين إلى الآخر أمر طبيعى، لكن غير الطبيعى أن يختار ابنك الذى لا يزال مراهقا البقاء مع والده بدلا من والدته، ألا يعنى هذا أنه يجد الاهتمام والرعاية التى يرديها هناك وليس هنا؟ ألم تسألى نفسك هذا السؤال من قبل؟

أما عن زوجك، فقد أفهم أنه ربما يكون انصرف عنك بعد تعلقه بأخرى، وبالرغم من عدم صحة تصرفه هذا إلا أنه يحدث مع رجال كثر للأسف، لكنى على حسب ما فهمت أنه الآن بعيدا عنك حتى وهو وحده، فقد قلتى أنه أجر شقة أخرى يعيش فيها بمفرده الآن، فإذا كانت علاقته بهذه الأخرى انتهت لأى سبب من الأسباب، فلماذا فضل أن يكون وحيدا على أن يبقى معك؟ لماذا فضّل عناء رعاية نفسه وابنه بعيدا عنك، حتى وهو بدون امرأة غيرك؟ ألا يدل ذلك على أن العشرة لم تكن كما تنبغى؟ ألا يعنى هذا أن الحياة كانت ليست على ما يرام؟

فكرى فى كل هذه الأسئلة وراجعى نفسك أولا يا سيدتى، صدقينى أنا أخاف عليكى من أن تعيشى دور الضحية وأنت تغمضى عينيك عن كل ما كنتى أنت المسئولة عنه حقا، فإن كان زوجك قد أحب غيرك، وإن كان أولادك تخلوا عنك، فلا بد أن هناك خطأ ما فى الموضوع، لا أقول لك إن الأمر كله مسئوليتك، ولكنك حتما كنت مسئولة عن جزء منه.

أما عن طلبك للطلاق للمرة الثالثة، فأنا لا أؤيدك فى هذا، فبماذا يفيد؟ لا أعتقد أنك تبحثين عن زيجة جديدة أو عن حياة أخرى، إذا فلماذا لا نبقى على (شعرة معاوية)، أملا فى أن تعود الحياة يوما من الأيام؟ من المؤكد أنها لن تعود بمفردها، وأن الأمور لن تنصلح من تلقاء نفسها، لكن امنحى نفسك الفرصة للتفكير وللمحاولة من جديد، لماذا تسدين آخر طريق للرجوع؟

اطمئنى يا سيدتى أولادك سيظلوا أولادك، قد تأخذهم الحياة، ويبعدهم الزواج قليلا، ولكنها سنة الحياة، وهذا حال الجميع، لكن لا تيأسى أبدا وتفقدى الأمل فى التواصل معهم، وإصلاح أخطاء الماضى، إن وجدت، معهم، فلا شىء يعادل علاقة الأمومة والبنوة، ولا شىء يعوضها.


للتواصل مع د. هبة يس وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة