ناصر عراق

الدستور..والمزاج!

الجمعة، 17 يناير 2014 07:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن فهم خروج الملايين من المصريين فى اليومين الماضيين لقول (نعم) للدستور الجديد إلا فى إطار رغبتهم فى معانقة المستقبل وإيمانهم العميق بأن الحياة متعة وليست عقوبة! وسأشرح ذلك تواً.
الكل يعرف أن المصريين ثاروا وانتفضوا ضد مبارك فى 25 يناير 2011 بعد أن كابدوا مرارات وضلالات بامتداد ثلاثة عقود، ثم هبّ الشعب وتمرّد ضد محمد مرسى وإخوانه فى 30 يونيو و3 يوليو 2013 فى مشهد بالغ الروعة، حيث خرج الناس بالملايين ضد عملاء القرن الثامن عشر- أكثر القرون التى مرّت علينا تخلفا- حين لاحظوا أن مرسى ومرشده وإخوانه استولوا على السلطة فى لحظة غفلة منا، وأنهم بصدد تفكيك الدولة المدنية لصالح تنظيم دولى يخاصم العصر!
هكذا مرت ثلاثة أعوام فى مظاهرات واحتجاجات واعتصامات حتى أصيب الشعب بما يمكن أن نسميه (الإنهاك الثورى) خاصة بعد أن كشّر عملاء القرن الثامن عشر عن أنيابهم الإرهابية، وشرعوا يروّعون ويهددون ويفجّرون ويقتلون!
من هنا بالضبط نفهم الإقبال الشديد على الدستور، إذ إن الناس باتت فى حاجة ماسة إلى معانقة الاستقرار ومصادقة المستقبل، بعد أن انبثق لهم من العتمة شياطين تهدد حياتهم وتصادر على أمنهم الشخصى.
لم يفهم أبداً أولئك الذين يعارضون الدستور الجديد المزاج العام للجماهير، وفهم هذا المزاج هو الشرط الأول لنجاح أى حزب أو جماعة أو حركة سياسية، لذا من لا يدرك أن المصريين أصبحوا الآن ينشدون الأمان ويطلبون الهدوء، فهو غير عليم بمزاج الناس حالياً، وبالتالى سيخسر معركته السياسية لأن الشعب ليس فى صفه، حتى لو كان يطرح أفكارًا إيجابية أو يرفع شعارات صحيحة.
قد تكون هناك بعض المواد التى لا نوافق عليها فى الدستور– محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية على سبيل المثال– لكن الدستور فى مجمله لا غبار عليه إذا، وكلنا أمل أن يتم تنفيذ مواده بإخلاص من قبل السلطات القادمة.
مع إقرار الدستور الجديد لمصر نصبح أمام معركة مع المستقبل، ولن ننجح فى بناء مستقبل مزهر لنا دون أن يكون للفن دور رئيسى فى تهذيب الوجدان وإثارة الأسئلة، وتلك مهمة ملقاة على عاتق الحكومة المقبلة لأن عليها أن تخصص الميزانيات اللازمة لتشجيع الإبداع فى كل مجالاته من ناحية، وعلى المبدعين أنفسهم الذين يجب أن يشحذوا طاقاتهم ليقدموا للناس إبداعًا أكثر رقيًا وأعلى قيمة من ناحية أخرى.
بقيَ أن أهنئك وأقول لك: مبروك لمصر ولنا دستورنا الجديد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة