(افتح قلبك مع د. هبة يس).. علامات الخطر

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013 09:04 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. علامات الخطر د. هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (أ) إلى افتح قلبك تقول:

أنا مرتبطة عاطفياً بشاب به الكثير من المميزات, هو متعلم ومثقف, يسافر إلى الخارج كثيراً ومنفتح على الحضارة الغربية جداً, بار بوالديه.. كلها إيجابيات تعزز من قيمته عندى, ولكنها لا شىء بجانب حبى له, فتعلقى به هو الأساس فى ارتباطنا من البداية.

ومع هذا كله لا أستطيع أن أغفل كم المشاكل التى أعيشها معه, فهو مبدئياً كان له العديد من العلاقات من قبلى, حكى لى عن معظمها بنفسه, وأنا قبلت وتغاضيت عنها لأنى أنا التى جريت خلفه من البداية, متعلق بأمه إلى حد الجنون, ومشكلة المشاكل أن لديه بعض الأفكار التى لا يحيد عنها إطلاقاً, والتى تخيفنى منه وعلى مستقبلى كثيراً.

فمثلاً هو كان واضحاً من البداية فى رفضه لعملى, فهو يقول إن البنت ما إن تزوجت تصبح مِلكاً لزوجها وبيتها, وهو بالذات يريد من تتفرغ له ولرعايته لأنه يسافر كثيراً ويبعد عن أهله ووطنه باستمرار, فى البداية لم يكن لدى مانع فى مبدأ ترك العمل بعد الزواج, بالرغم من أنى أعمل فى مكان محترم, لكن عندما علم أهلى بهذا الموضوع رفضوا رفضاً قاطعاً لهذا الشرط, ونبهونى إلى أنى يجب أن أبقى على عملى ضماناً لمستقبلى واستقلالى المادى, لأنه لا شىء مضمون فى الحياة.

هذا طبعاً إلى جانب أنه طلب منى عدم التفكير فى إنهاء دراساتى العليا -التى أقوم بها حالياً- بعد الزواج, فهو دائماً ما يقول لى أنا لن أتزوج تلميذة, وقالها لى أكثر من مرة "خلى الشغل والدراسة ينفعوكى", وهذه كانت ثانى نقطة للخلاف, فقد رفض أهلى أيضاً عدم إكمالى لدراستى, ونصحونى وحذرونى بأنه لا يجب علىَّ التخلى عن كل شىء دفعة واحدة, مهما كانت الأسباب.

فما إن علم هو بما دار بينى وبين أهلى, إلا وجن جنونه, وثار علىَّ جداً, وقال لى بوضوح إنه ليس من حق أهلى التدخل فى حياتى وفى اختياراتى, وأنى سأكون "ملكاً" له بعد الزواج, ولا يجب علىَّ أن آخذ رأى أو مشورة أحد من بعده, حتى وإن أمرنى بألا أراهم أو أعرفهم بعد الزواج, فليس على إلا أن أنفذ!

فى مرة من المرات قال لى إنه لن يربط نفسه بى فى المستقبل لمجرد أنى زوجته, فلو شعر يوماً أنه غير سعيد معى سيتركنى, حتى وإن كان بيننا أطفال, فهو سيتزوج ليجد من تعتنى به وتسعده, أو على حد تعبيره "عايز واحدة مفيش وراها غيرى", الأمر الذى يخيفنى جداً على مستقبلى معه, فماذا لو حدث وتركنى فعلاً فى يوم ما؟.. ماذا سأفعل وأنا بدون حتى مصدر دخل أعيش منه؟

ومع ذلك حاولت تلطيف الجو بينه وبين أهلى وجنبته لقاءهم بعد هذا الخلاف, لأنهم لا يرتاحون له من البداية, كما أنه أوضح لى أن أسلوبهم لا يروق له, فأخبرته أنى سأترك العمل فور الزواج كما يريد, ودون الرجوع إليهم, بينما أنى كنت اتفقت معهم على أنى سأعيد مناقشته فى الأمر مرة أخرى..فاكتشف الأمر, واعتبر أنى أكذب عليه, وأخذ صف أهلى من خلف ظهره, واعتبرنى شخصاً غير موثوق فيه, وأنى "ظلمته".

أنا فعلاً كذبت عليه, لكنه هو من دفعنى لذلك, هو من وضعنى فى هذا الموقف بينه وبين أهلى, ففعلت ذلك لأرضيه ولأتجنب غضبه, ولكنه لم يقدر, وقرر الابتعاد عنى من حينها وكأنى ارتكبت جرماً لا يغتفر.

أنا أرى عيوبه جيداً, وأعرف ما ستقولينه مقدماً, فهو شخص أنانى متمركز حول نفسه إلى أبعد الحدود, وعنيد جداً لا يقبل مجرد الخلاف فى الرأى, ومتحكم ومسيطر.. أعرف كل هذا, ولكنى أحبه جداً, ومتعلقة به منذ فترة طويلة, ولا أتخيل حياتى بدونه.. أنا أتعذب من يوم بعده عنى, ولا أستطيع التركيز فى أى شىء.. لا فى عملى ولا فى دراستى, فماذا افعل؟.. هل أعود إليه وأستسمحه وليحدث ما يحدث بعدها؟, أم أتركه وأبتعد؟.. ما رأيك أنتى؟

وإليك (أ) أقول:

تصدقى بالله... لو كنتى أنت من تقرئين هذه الرسالة على أن شخصاً آخر غيرك أرسلها, لكنتى عرفتى الرد على تساؤلك فوراً, وبدون أدنى تردد.. أبعد كل ما تقولينه هذا تتساءلين؟!!

لن أقول إن مرآة الحب عمياء، فأنت ترين وتعرفين عيوبه جيداً, ولكنك ومع ذلك تصرين على تغييب عقلك، وتتعمدين التعتيم على الحقيقة الفجة الصارخة.. وهى أن حياتك مع شخص بمثل هذه المواصفات ستكون رحلة عذاب أبدية, لا يعلم مداها إلا الله.

وما الدافع وراء كل ما تفعلينه هذا؟ وما هو المقابل أمام كل هذه التنازلات التى ستقدمينها من الآن فصاعداً؟.. الحب؟.. وهل هذا حبا؟ أتصدقين أن الحب تملك شخص لشخص آخر، وفرض السيطرة عليه، والتحكم فيه وفى حياته وفى رغباته؟ بل ومصادرة حقه فى أهله وحق أهله فيه؟.. أى حب هذا؟ لو كان كل الحب هكذا فعفوا اسمحى لى "يغور الحب إلى بالشكل ده".

هناك طريقتان لتحليل موقف هذا الشخص, الطريقة الأولى "سليمة النية" أنه شخص تربى بشكل جعله يشعر بأنه "هو ومن بعده الطوفان", وأنه لا يوجد من هو أهم منه فى الحياة, وأنه لا يهم تعب أو ضيق أى شخص طالما كان هو سعيد ومرتاح.. والحياة مع شخص نشأ على هذه الاعتقادات بالتأكيد ستكون صعبة جداً, فهو لن ينتبه يوماً إلى طلباتك واحتياجاتك ومشاعرك أنتِ, فمن أنت حتى يراكى؟, فأنت لم تخلقى إلا لسعادته وهنائه وتدليله وفقط, والويل كل الويل لكى إن توقفتى عن ذلك, أو قصرتى فيه لأى سبب من الأسباب, حتى وإن كنت غير سعيدة أو غير راضية.. لا يهم إطلاقاً.

أما الطريقة الثانية لفهم موقفه "وهى الطريقة المتطرفة بعض الشىء"، أن هذا الرجل معقد, لديه داء التحكم والتسلط بشكل مرضى, بل والأكثر من ذلك لديه خوف وحقد على نجاح الآخرين, وبالذات شريكة حياته, فهو لن يقبل أن تتطورى أو تتقدمى لا فى عمل ولا فى دراسة, إذ لربما تصبحين شيئاً فى يوم من الأيام, وهذا ما تأباه "رجولته" وشخصيته المريضة.

فإذا افترضنا حسن النية، وفى أحسن الأحوال ستكون حياتك مع هذا الشخص متعبة, سيكون عليك تقبل طلباته على أنها أوامر غير قابلة للنقاش أو التأجيل تحت أى ظرف, ولن يتوقف الأمر عند شغلك أو دراستك أو حتى علاقتك بأهلك, تقبلى أنه سيقرر لك وبدلاً منك مع من ستتعاملين, وماذا ستأكلين, وكيف وماذا تقولين.. هذه ليست بمبالغة, فهو قالها لك بصراحة.. أنت ستكونين ملكه بمجرد زواجك منه, وهو الأمر الذى لا يقره شرع أو دين بالمناسبة, فالزواج شىء والرق شىء آخر.

أما إذا افترضنا أن الأمر سيتطرف إلى آخر مداه - وهو شىء متوقع بالمناسبة- فستجدين نفسك ممنوعة من أى شىء هو لا يحبه, ومجبرة على انتهاج نهجه فى الحياة فى كل شىء, وإلا ستنالين عقابك بأى شكل من الأشكال.. ربما لا تصدقينى أو تعتقدى أنى أهول الأمور, لكن لك أن تعرفى أن هناك دراسة أمريكية بحثت فى سمات الأزواج الذين شكت زوجاتهم من تعرضهم لعنف جسدى ونفسى معهم, ووجدت هذه الدراسة أن السمة المشتركة رقم واحد بين هؤلاء الأزواج الذين يتسمون بالعنف هى حبهم لتملك الطرف الآخر, وإحساسهم بأحقيتهم فى السيطرة عليه والتحكم فى حياته, لأن هذه السمة هى المدخل لكل خططهم بعد كل ذلك, لأنهم وباستعمال "حقهم" هذا يقومون بعزل زوجاتهم عن كل من حولهم.. الوالدين, الأهل, الأصدقاء, وحتى زملاء العمل, وشيئاً فشيئاً تجد الزوجة نفسها وحيدة فى هذه الدنيا إلا من زوجها, فلا يصبح لديها من تلجأ إليه أو حتى تأخذ مشورته فى أى طلب أو أمر يطلبه منها زوجها, كما أنها لا تجد من "تستنجد" به إذا ما حاول هذا الزوج إيذاءها فى المستقبل بأى شكل, "يعنى بالبلدى كده هو هيفضل يسيطر على كل تفاصيل حياتك لغاية ما يستفرد بيكي, وساعتها مش هتقدرى تقفى قدامه ولا تلاقى حد يقف معاكى قصاده".

صحيح أن هذه الدراسة كانت تتكلم عن مجموعة أزواج متطرفين بعض الشىء, فكلهم كانوا يمارسون العنف مع زوجاتهم بشكل مستمر إذا اختلفن معهم لأى سبب, وصحيح أنى لا أعرف هذا الشخص الذى تتحدثين عنه شخصياً لأحكم عليه أنه مثل هؤلاء, لكنى فقط أحذر وأنبه, وأطلعك على آخر ما وصل إليه الآخرون من تجارب ودراسات إنسانية لنا أن نستفيد منها.

وأخيراً.. هل تعتقدين أنك ومع استمرار تحكمه فى حياتك سيبقى حبك له بنفس هذه الدرجة؟.. فأنت الآن تفتقديه وتتمزقين من داخلك لفراقه لأنك أنت من ركضتى خلفه كما قلتى, ولأنك تحبينه ولا تتخيلين حياتك بدونه, لكن هل تعتقدى أن هذا الحب وهذا الاشتياق سيصمد طويلاً أمام الخلافات والمضايقات والمشاكل التى ستعيشينها فيما بعد؟.. ماذا ستفعلين عندما تذهب السكرة وتأتى الفكرة؟.. ماذا ستفعلين بعد أن ينتهى سحر الحب؟ - وهو حتما سيقل إن لم ينته- ألن يأتى عليكِ اليوم وتسألين نفسك أكان الأمر يستحق كل هذه التنازلات؟

الرد فى كلمتين يا بنت الناس.. إما تقبلى إنك تعيشى زى ما هو عايز من هنا ورايح من غير ما تشتكى أو تعترضى, يا إما تسيبيه ودلوقتى وفوراً, لأن اللى زى ده صعب يتغير, وتبقى بتضحكى على نفسك لو تخيلتى كده, لو شايفة إنكِ هتستحملى تكونى له زى ما هو عايز كان بها وربنا يوفقك, لكن لو شايفة وعارفة إنكِ مش هتقدرى تكونى كده.. يبقى اختصرى الطريق على نفسك من دلوقتى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة