(افتح قلبك مع د. هبة يس).. هذا ما جنته على "أمي"

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013 04:29 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس).. هذا ما جنته على "أمي" هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (ر) إلى افتح قلبك تقول:
أنا شابة عمرى 24 سنة, مشكلتى أنى أفتقد إلى الحب بشدة فى حياتى, لم أشعر أبدا من قبل بأن هناك من يحبنى أنا أو يهتم بى بشكل شخصى, أنا أصغر أخواتى, والدى طوال الوقت لم يكن يهتم إلا بعمله ثم الأكل والنوم, وبعد المعاش أصبح شغله الشاغل القهوة والأكل والنوم أيضا, وأمى لا أذكر لها إلا أننا دائما فى شجار ومشاكل مع بعضنا البعض, منذ طفولتى وأنا لا أشعر منها بأى حنان, لا كلمة حلوة ولا مشاعر طيبة, حتى أنى لا أذكر أنها احتضنتى من قبل !!!.

لى خالة ليست بالشخصية الجيدة, فبشهادة الجميع هى إنسانة طماعة وأنانية وكاذبة, لا تحب الخير لأحد إطلاقا, والمشكلة الكبرى أنى أشبه خالتى هذه فى الشكل, مما جعل الجميع يلصق بى تهمة أنى أشبهها أيضا فى الطباع, فبدأوا جميعا _ أمى وأبى وإخوتى_ يعاملوننى على أنى هى, حتى إنهم ينادوننى باسمها كثيرا, وكلما صدر منى موقف يعايروننى بأنى مثلها, وأنى لا بد وأن أكون مخطئة وآثمة كما يصفونها دائما.

أمى لا تتحدث معى تقريبا, حتى إنى لاحظت أنى صامتة وأن لدى مشكلة تذهب لتسأل أختى (هى مالها؟) , فإذا ردت أختى (اسأليها) تقول لها أنا لا أسأل أحدا, إذا أرادت هى الكلام أنا موجودة.. فاعتدت أن أكتم كل مشاعرى بداخلى يوما بعد يوم, لا أتحدث مع أحد ولا أشرك أحدا فى أمرى, إلا أختى الأكبر منى مباشرة, فهى الوحيدة التى أستطيع أن أتناقش معها فيما يخص مشاكل أبى وأمى, أو مشاكل بيتنا, أو المشاكل العامة, أما شئونى الخاصة فلا أحد يعرف عنها شيئا مطلقا, حتى صديقاتى لا أطلع أياً منهن على ما بداخلى, حتى إنهم يطلقون على (الغامضة).

المشكلة أنى أتوق إلى الحب, وهنا أقصد الحب بجميع أشكاله, فأنا أحلم بمن أستطيع أن أتحدث معه وأثق به, وأفضفض معه, كما أنى كأى فتاة أتمنى أن أجد من يحبنى أنا ويهتم بأمرى, يتعب لتعبى ويفرح لفرحى, لكن كيف سيحدث هذا وأنا شخصية خجولة جدا, أخشى على نفسى من خوض أية تجربة, وأقول فى نفسى كيف سأجد من يحبنى إذا كان أهلى نفسهم لم يحبوني؟؟؟.

أصبحت أبدو للجميع كأنى إنسانة صلبة جافة, لا تهتم بأى مشاعر, بالرغم من أنى على العكس تماما من الداخل, أشعر بأنى رومانسية وعاطفية إلى أقصى درجة, بل وضعيفة جدا أمام أية مشاعر أو كلمة حلوة.

أنا الآن أعانى أشد حالات الكبت, حتى إنى أصبحت أفكر فى الأمور الجنسية كثيرا, اعذرينى على هذا, لكنى أصبحت أفكر فى أنها ربما تكون وسيلة لإيجاد الحب, أعرف أن ما أفعله حرام, وأتألم بشدة لأنى أغضب ربى, لكنى مفتقدة فعلا لشخص يشاركنى حياتى ويمنحنى المشاعر التى افتقدتها طويلا, وبأية طريقة.. أنا خايفة جدا من نفسى, ومن ربنا, ونفسى فى حد يقول لى أية كلمة تهدينى للصح.

و إليكى أقول:
أتفهم جدا جدا جدا ما تشعرين به يا حبيبتى, لأن الاهتمام والود والمشاعر الإنسانية كالماء والهواء بالنسبة للإنسان, إذا أفتقدهم لفترة طويلة سيشعر باختناق وضيق, وسيبحث عنهم بمنتهى اللهفة , وفى أى مكان , تماما كما يفعل إذا حرم القدرة على التنفس.. أفهمك, وأشعر بك, وأعرف أن لك حقاً فى أن تشعرى بكل ما أنت فيه من ألم.

بل وسأخبرك أيضا بأنك لست الوحيدة فى هذا العالم التى تعيش هذه التجربة, مثلك كثيرون وكثيرات ممن تربوا مع أهالى لا يمنحون سوى الطعام والشراب, أو ربما بلا أهالى من الأساس.. لهذا هونى على نفسك, فمشكلتك موجودة منذ الأزل, ولكن فى نفس الوقت هناك من استطاعوا التغلب عليها, والحياة الجيدة رغما عنها.

ولأن الحب والاهتمام أشياء ضرورية كما قلت فى البداية, فإن من يفتقدهم حتما سيجد طريقاً بديلاً لإشباع النقص فيهما, وهذا الطريق سيكون أحد طريقين لا ثالث لهما, إما طريق خطأ _وهو الأسهل_ الذى يلجأ فيه الشخص إلى الاندماج والانغماس فى أى شىء بشكل فوق المعتاد, كالإفراط فى الطعام, أو التسوق, أو النوم, أو متابعة النت, وهى أمور كلها حلال ومباحة فى حد ذاتها, لكن ممارستها بشكل زائد عن الحد, أو دعينا نقول (ادمانها) هو الشىء الذى يجعلها مشكلة, ويوجب الانتباه إليها والحد منها.. أو ربما الإفراط فى أمور أخرى كالعلاقات مع الجنس الآخر, أو التفكير فى الجنس أو المحرمات _كما حدث معك_ أو غيرهم من الأمور التى لا هى حلال ولا هى مباحة من الأصل, مما يؤدى إلى المزيد من العذاب النفسى للشخص, لأنه سيعانى من تأنيب الضمير إلى جانب المشاعر السلبية التى كان يعانى منها من البداية, فلا يشعر فى هذه الحالة إلا بأنه قد زاد الطين بلة.. هذا هو الطريق الأول.


أما الطريق الصحيح _ وهو الأصعب_ وهو أن يصبر ويحفظ قلبه ونفسه ومشاعره وجسده إلى أن يجد (نصيبه) الذى سيتمكن معه من تفريغ كل ما لديه من طاقة وشوق للحب والمشاعر الحلوة كلها, وربما ستقولين لى مثل الكثيرين وكيف له أن يصبر إلى ذلك الحين؟, سأقول لك بأن يضع تركيزه وطاقته وكل همه حاليا فى أى شىء مفيد ينفعه فى المستقبل, كدراسة أو عمل أو بناء شخصية أو مستقبل, أو حتى عمل تطوعى أضعف الإيمان.. صدقينى لا حل آخر سوى صرف ذهنك عن هذا الخلل فى حياتك إلى أن تقابلى من يستحق أن تمنحيه كل مشاعرك المتلهفة.

حبيبتى.. أتعرفين أكثر ما أخاف عليكى منه؟.. هو أن مثلك يصبحن فريسة سهلة جدا لكل من يريد ويجيد اللعب بالمشاعر والحب, فهناك من يتربصون بأمثالك, ويستطيعون قراءتهم وفهمهم, والتقاطهم سريعا, ليبدأوا معهم اللعبة, فيبدأ بمنحك ما تريدين لأنه يعرف نقطة ضعفك, ويرسم عليكى الاهتمام ويشعرك بالحب الذى تتمنين, لتجدى نفسك تمنحين كل ما لديكى فى المقابل, لأنك أخيرا وجدتى ضالتك, وفجأة. . ينتهى كل شئ , لأنه أصلا لم يكن هناك شىء.. وهذه هى القصة المعتادة والمكررة التى سمعناها مرارا وتكرارا من قبل.
لهذا سأقول لك بوضوح وبشكل مباشر..

أولا: لا تخجلى من نفسك ولا تشعرين بالذنب بسبب تفكيرك, فهذه هى الطريقة التى يمنعك بها الشيطان من الرجوع عن الخطأ, والمضى قدما فى أى شىء جيد, أنت قد تكونى أخطأتى ولكن من منا ليس كذلك؟, كلنا نخطئ ونذنب بل ونجرم أحيانا, ولكن لنا رب غفور لا يغلق بابه عنا لا بالليل ولا بالنهار, الجائى إليه وناجيه واستغفريه لضعفك ولقلة حيلتك, واطلبى منه العون والقوة والصلابة على المقاومة حتى يرزقك بالزوج الصالح.

ثانيا: لما لا تقوين علاقتك بأختك أكثر وأكثر, وتتخذي منها معينا على الفراغ العاطفى الذى تعيشينه؟, فالحمد لله أن لك أختاً, وهى نعمة ليست عند غيرك, فكون أنكما من نفس الجنس, وأنكما متقاربتان فى السن, وبينكما تفاهم, فكل هذه أشياء جيده يمكنك الاستعاضة بها _مؤقتا_ عن ما أنت فيه.

ثالثا: انشغلى بأى شىء مفيد, حتى وإن كان بسيطاً, حتى وإن كان مجرد ممارسة هواية أو تعلم شىء جديد, أرجوكى أرجوكى أرجوكى املائى وقت فراغك بأى شىء نافع, فهذا سيعصمك من التفكير فى شىء ضار من ناحية, وسيجعلك تشعرين بأن لك أهمية ودوراً فى هذه الحياة من ناحية أخرى.

رابعا: ابقى عينيك مفتوحتين جيدا, ولا تلقى بنفسك فى أية علاقة تجديها فى طريقك, لا تفرطى فى مشاعرك إلا لمن يستحق, وإلا ستكونين كمن استجار من الرمضاء بالنار.

للتواصل مع د. هبه وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة