(افتح قلبك مع د. هبة يس).. الحاضر الغائب

الخميس، 14 نوفمبر 2013 04:41 م
(افتح قلبك مع د. هبة يس)..  الحاضر الغائب هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسلت (...) إلى افتح قلبك تقول:

أنا متزوجة من قرابة العشرين عاما, زواجنا كان تقليديا, وفترة الخطوبة كانت قصيرة, وبالتالى لم أعرف زوجى إلا بعد أن تزوجنا فعلا, لم يحاول أو لم يستطع التجمل كثيرا, فقد بدأ شعوره بالنقص منذ أيام زواجنا الأولى, فقد كان يشعر دائما أنه أقل منى ومن أهلى, لهذا كان يعاملهم بشكل سيئ جدا, ويحاول إبعادى عنهم, ويريدنى دائما أن أفضله عنهم قولا وفعلا, وأن أثبت ذلك فى كل المواقف.

كما أنه كان يريد زوجة تعمل وتنفق وترفع من وضعه المادى, حتى وإن كان ذلك عن طريق طلب المساعدة صراحة من أهلى, وعندما كنت أحرج وأرفض كان يضغط على ويمنعنى من رؤيتهم, وكأننى كان يجب على أن أدفع له مقابلا وديا لأهلى.

أنجبنا طفلين لم يتحمل مسئوليتهما إطلاقا, لا ماديا لأنه دخله ضعيف جدا, ولا معنويا لأنه لا يعرف كيف يكون أبا, كان دائما عصبى وثائر و(مكهرب) البيت, سواء معى أو مع الأولاد, وكنت أقول ربما هو كذلك لضيق ذات اليد, فهو موظف حكومى ومرتبه قليل جدا, لهذا كنت دائما أحاول أن أعرض عليه أعمالا أخرى لزيادة دخله, لكنه كان دائم التحجج والتعذر والرفض حتى بدون أسباب, بالرغم من أنه ينهى عمله ويكون فى البيت يوميا فى الواحدة ظهرا.

وهكذا أصبحت أنا أعمل لأنفق على نفسى بالكامل, وعلى أولادى وبيتى بأغلب المصروفات, كنت لا أخذ يوم إجازة واحد مهما كنت متعبه , ليس فقط من أجل المال ولكن من أجل أن أهرب من البقاء فى البيت أمامه, لأنه كان لا يتعب من كثرة افتعال المشاكل والخلافات, ثم يأتى ليصفنى أنا بـ(النكدية) فى النهاية, وحتى الأولاد أصبحوا يهربون منه عن طريق النوم طوال فترة بقائه فى المنزل حتى لا يقابلونه ويضطرون للحوار معه.

كل هذا وأنا صابرة وأقول فى نفسى لعل الأيام تغير من حاله, إلا أن أكثر ما كان يقتلنى هى جملته الشهيرة بعد كل خلاف...(لو مش عاجبك غورى فى ستين داهية... الباب يفوت جمل)... هذه الجملة سمعتها منذ أول شهر فى زواجى, ولا زلت أسمعها بعد كل مشكلة سواء كانت كبيرة أو تافهة, الشىء الذى رسخ بداخلى عدم الشعور بالأمان, وظللت أشعر أن هذا البيت ليس بيتى وأنى عرضة للطرد منه فى أى وقت, لهذا منذ فترة بدأت أفكر فى أن يكون لى مأوى بديل أحتمى به وقت الأزمات, فقد كان لوالدى شقة مغلقة, بدأت فى تجهيزها وفرشها حتى تصبح بيتا لى أحتمى به من غدر الأيام.
و بالفعل عندما عرف زوجى بأمرها بدء يحسن من معاملته لى, و(يجر ناعم) وهو الشىء الذى ليس من طبعه إطلاقا, لهذا لم يستمر طويلا وطردنى بعد أقل من شهر واحد من معرفته بأمر تلك الشقة, بعدها قررت أن أنفصل وأعيش أنا وأولادى فى شقة والدى, إلا أن أهلى والناس أخافونى من نظرة المجتمع إلى المطلقة التى تعيش بمفردها, فتراجعت وقررت الاستمرار من أجل أولادى, إلا أن المشاكل لم تنته, فاتخذت قرارا جديدا وهو أن أستمر فى زواجى لكن فى بيتى الجديد, حيث لن يستطيع زوجى طردى كل بضعة أيام كما كان يفعل دائما.

وبالفعل انتقلت إلى الشقة الجديدة من فترة, لكن الأولاد اختلفوا فقد جاء معى ابنى الأصغر فقط, أما الأكبر رفض هو ووالده ترك البيت القديم... فأصبحنا منقسمين بمعنى الكلمة, فنحن لسنا أسرة واحدة, ولا بيت واحد, ولا أى شىء, حتى أنا لست بزوجة ولا مطلقة, اشعر بحزن شديد, وبوحدة وغربة وبرود وحرمان عاطفى, وكل شىء سيئ, صحيح أن حياتى الآن أكثر هدوءا من ذى قبل بكثير, فأنا لا أرى زوجى إلا مرة كل أسبوعين عندما يزورنى هو وابنى الأكبر, وصحيح أنه يعاملنى الآن بشكل أفضل من ذى قبل, لكنه وفى الحقيقة ليس هذا ما كنت أتمناه, ابناى كل واحد منهما فى جهة, وأنا وحيدة لا زوج ولا ونيس ولا سند, ولا أعرف هل ما فعلته كان صواب أم خطأ؟, وماذا أفعل فى المستقبل؟, هل أبقى على حالى أم أعود إلى بيتى القديم؟..

وإليكى أقول:
سيدتى من منا لا يبحث عن الهدوء والحب والسكن عندما يتزوج؟... كلنا نحلم بالحياة التى يملؤها التفاهم والود والمشاركة فى كل شىء حلو أو مر, كلنا يعتقد أنه سيجد ضالته تلك حتما بمجرد أن يتزوج, لكن هذا وللأسف لا يحدث دائما, فكثيرة هى الزيجات التى تكون (زواجا) بالاسم فقط, فلا ألفة ولا تفاهم ولا حتى عشرة طيبة , بل وقد يسوء الأمر لدرجة يفتقد فيها الإنسان لأبسط حقوقه وهو الإحساس بالأمان, ليجد الشخص _ رجلا أو امرأة_ نفسه مع شريك حياة حاضرا بجسده فقط, لكنه غائبا عن الحياة بكل معانى الكلمة فى الحقيقة... مثلما حدث معك بالضبط.

لا شك أنك كأى زوجة كنت تتمنين حياة هادئة ودافئة وجميلة , لهذا صبرتى وحاولتى وبذلتى, وتراجعتى عن قرار الانفصال أملا منك فى أن يحدث ذلك ولو بعض الشىء, لكن اسمحى لى سيدتى (الى مايشفش مالغربال يبقى أعمى), فبعد عشرة كل هذه السنين لا زلت تعتقدين أن زوجك سيتغير؟؟؟, لا أستطيع أن أكذب عليكى وأقول لك أن هذا سيحدث, حتى وإن انتقلتم جميعا للعيش فى بيت آخر تشعرين فيه بأمان أكثر, كل هذا لن يغير من زوجك كثيرا, حتى وإن غير فى البداية, فحتى لو قبل هو الانتقال للعيش معك فى بيتك الجديد سيعتاد الأمر بعد فترة, وستجديه يعود إلى سابق عهده معك ومع الأولاد من حيث المشاكل والخلافات, وجودك فى بيت والدك لن يردعه عن اختلاق الأزمات كثيرا, حتى وإن حاول ذلك فى البداية.

لهذا دعينى أخبرك بصراحة, الإنسان لا يتغير إلا إذا أراد هو أن يتغير, ولن يأتى التغيير أبدا من الخارج, لابد وأن يأتى من داخل الشخص نفسه وبرغبة حقيقة منه, وإلا سيكون مجرد تغيير مؤقت, أو استجابة طارئة لتغير الظروف ليس إلا, وعليه فإن انتقال زوجك معك حتى وإن حدث فلن يغير من طبعه طويلا, لن يصنع منه شخصا أهدأ أو ألطف أو أكثر تحملا للمسئولية, لا تضحكى على نفسك ولا تعيشين تحلمين بسراب.

سيدتى.. بالرغم من كل ما قلتيه فى رسالتك إلا أنى أشعر أنك لا زلتى تكنين بعضا من الحب والمشاعر لزوجك, وإلا ما كنتى شكوتى إحساسك بالحرمان العاطفى كما ذكرتى, فهناك الكثيرات ممن يؤمنون بأنه (ظل راجل ولا ظل حيطة) مهما حدث, لهذا فهن يتقبلن الحياة بأى شكل فى مقابل الإبقاء على لقب أو حالة (الزوجة), قد تكون تلك هى وجهة نظرك, وهى من حقك بكل تأكيد, لكن عليكى أن تدركى أن زوجك من نوع (الحاضر الغائب) يا سيدتي, أى أنه شيئا لن يتغير فى حياتك برجوعكما سويا, سواء كان ذلك فى بيتك القديم أو الجديد, اللهم إلا عودتكم أسرة واحدة (شكلا) أمام الناس.

لو كنتى ممن يفكرن بهذه الطريقة, أو كنتى ترين أن فى الاستمرار فائدة نفسية لك أو للأولاد فعودى إلى بيتك القديم, لكن سيكون عليكى قبول كل ما كان يحدث سابقا, بل وأكثر منه أحيانا كنوع من أنواع الانتقام منك على تركك للبيت , أما إذا كنتى شعرتى بأن حياتك هكذا أفضل من حيث خلوها من المشاكل والضغط النفسي, ومن حيث شعورك بالأمان والاستقلال المادى أكثر, فاثبتى على موقفك, واعتبرى أن ما تشعرين به من مشاعر سلبية ثمنا تدفعيه فى مقابل هدوء حياتك وخلوها من المشاكل.

أنت لم تذكرى لى منذ متى وأنت تعيشين فى شقتك الجديدة, ولكنى لا أعتقد أن هذا الأمر سيستمر إلى الأبد, لأنه وضع غير سوى فعلا, فلا أنتى زوجة تتمتعين بالرفقة والونس مع زوجك, ولا أنت مطلقة تتمتعين بحريتك واستقلالك, لابد وسيأتى اليوم الذى ستجدين نفسك فيه تفاضلين بين مزايا انفصالك وعيشك بمفردك, وبين مزايا العودة لما كنتى عليه سابقا, فأنصحك أن تحسمى أمرك اليوم قبل غد, لأن هذا اليوم أتى لا محالة.

لن أخبرك برأى قاطع, كأن أرجح لك بقائك عن انفصالك أو العكس, لأنى أنا لست أنت, لكنى أريدك أن تعرفى أنه فى الحالتين سيكون هناك ثمن يدفع, وعليكى أنت أن تختارى الثمن الذى تطيقين أنتى دفعه.

للتواصل مع د. هبة وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة