سعيد الشحات

كتب «النبى دانيال»

الأحد، 09 سبتمبر 2012 06:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى زيارة لى إلى مدينة الإسكندرية بعد ثورة 25 يناير بأسابيع قليلة، اصطحبنى أحد رجالها الكبار فى سيارته، متجولا فى أرجاء المدينة من مكان إلى آخر، كان الرجل يتوقف، مشيراً بيديه قائلاً: «هنا فساد فى كذا وكذا، وكان المسؤول الفلانى يقف وراءه»، أما قصص المبانى والتعليات المخالفة، فكانت حكايتها بالمئات، وكان الرجل يتحدث بحسرة عن أركان الفساد فى تلك الجريمة ممثلة فى المحافظة التى سهلتها تحت اسم التبرعات لصالح صندوق المحافظة تارة، والتبرع لصالح منشآت فى المحافظة تارة أخرى، وكانت الحصيلة قبحا لافتا فى النسق الحضارى للمدينة التى كنا نتغنى بها عروسا للبحر الأبيض المتوسط.

تذكرت هذه الحكاية مع الأخبار التى نقلتها وسائل الإعلام أمس الأول عن قيام شرطة مرافق الإسكندرية بمداهمة سوق كتب «النبى دانيال»، بـ«البلدوزرات» لإزالة الأكشاك التى تكتظ بها الكتب، ووفقاً للصور التى نقلتها الفضائيات، كانت الكتب متراكمة من أثر الهجمة البشعة، التى تدل على أن المحافظة كانت على موعد مع مسؤولين لا يقدرون قيمة المكان، ولا يعرفون قيمة الكتاب.

الجريمة لها أكثر من وجه، وتبدأ من حيث الخيار السهل لأى محافظ جديد ليس فى الإسكندرية وفقط، وإنما فى كل محافظة، حيث يشمر ذراعاه، ملقيا الأوامر بقيام الأجهزة الأمنية بمطاردة الباعة الجائلين تحت مسمى «تنظيف الشوارع»، وغيرها من الشعارات التى يتمناها الجميع، لكن وفق مفهوم عادل للعدالة الاجتماعية، فمن لجأ إلى البيع على عربة فى الشارع، لم يفعلها إلا سعياً للرزق الحلال، وامتهن هذا النوع من العمل لأن الحكومة تركته بلا عمل ولا سؤال، وبدلا من تفكير المحافظ لتوفير فرصة عمل له تعينه على الرزق الحلال، يأمر أجهزته بمطاردتهم.

فى وجه آخر للخيار السهل من محافظ الإسكندرية الجديد بمطاردة سوق كتب «النبى دانيال»، أنه لا يقدر قيمة الكتب، وبدلاً من البدء فى حوار مجتمعى مع رموز الإسكندرية من سياسيين ومثقفين ورجال أعمال، يلجأ إلى نفس الأساليب التى كانت تتبعها أجهزة نظام مبارك، بما يعنى أنه لا شىء جديد.

أعود إلى ما ذكره لى رجل الإسكندرية أثناء تجولى معه فى المدينة وحديثه عن الفساد الذى ضرب فى أوكارها، لأسأل السيد المحافظ، ماهى خطتك لمواجهة ذلك؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة