المفكر الأمريكى فوكوياما: عدم التنظيم سبب فشل الليبراليين فى مصر

الأربعاء، 23 مايو 2012 11:15 ص
المفكر الأمريكى فوكوياما: عدم التنظيم سبب فشل الليبراليين فى مصر جانب من الانتخابات المصرية
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال المفكر وعالم السياسة الأمريكى البارز فوكوياما، إن انحسار الاختيار فى الانتخابات الرئاسية المصرية بين الإسلاميين وأنصار الرئيس السابق حسنى مبارك، يدل على أن "ثورة الفيس بوك" قد فشلت فى تحقيق تغيير سياسى دائم. وتحدث فوكوياما فى مقاله بمجلة "نيوزويك" الأمريكية عن معضلة الليبراليين فى مصر، وقال إن سبب فشلهم، الذى يتحملون جزءا من مسئوليته هو عدم تنظيمهم وانحسارهم وعدم تواصلهم مع الطبقات الريفية.

واستهل فوكوياما مقاله الذى جاء تحت عنوان "إخفاقات جيل الفيس بوك فى الربيع العربى" إنه من الصعب معرفة من يمكن تأييده فى الانتخابات الرئاسية التى - بدأت اليوم الأربعاء - فاثنان من المرشحين البارزين وهما عمرو موسى وأحمد شفيق كانا مسئولين فى نظام مبارك السابق، وتدور الشكوك حول علاقتهما بالجيش، وعبد المنعم أبو الفتوح، يصف نفسه بأنه إسلامى ليبرالى، وتم فصله من جماعة الإخوان لكنه لسبب ما يحظى بدعم السلفيين، وخلف هؤلاء الثلاثة محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين، تلك الجماعة التى خرجت بوجه معتدل لكنها قدمت فى الآونة الأخيرة إشارة مقلقة بتبنيها أجندة دينية محافظة، مشيرا إلى أن المفقود فى هذه التشكيلة من المرشحين هو شخص ليبرالى حقيقى يكون مرشحا غير ملوث بالماضى الاستبدادى ولا يتبنى أجندة إسلامية بشكل ما. والمرشح الأقرب لهذا التصور كان محمد البرادعى الذى أعلن خروجه من السباق الرئاسى فى يناير الماضى.

ويتساءل فوكوياما: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة التى أصبحت فيها أقوى جماعتين فى مصر الجديدة واحدة تمثل ماضيها الاستبدادى وأخرى مكونة من إسلاميين مشكوك فى إدعائهم اللبيبرالية، فثورة يناير فى ميدان التحرير العام الماضى كان قواها الشباب المصرى الغاضب المنتمى إلى الطبقة الوسطى الذى استخدم وسائل الإعلام الاجتماعية مثل فيس بوك وتويتر لتنظيم الاحتجاجات وفضح أعمال النظام الوحشية وبناء دعم لمصر ديمقراطية.

فى ذلك الوقت، كان هناك الكثير من الحديث عن كيف مكنت التكونولوجيا الديمقراطية وأجبرت مجتمعا مغلقا على الانفتاح، فلم يستطع أحد منع تدفق المعلومات.

ويضيف فوكوياما "حتى الآن، فإن مجموعة النشطاء الشباب الذين لا يزال من الممكن حشدهم فى احتجاجات بالشوارع مثل المظاهرات الأخيرة أمام وزارة الدفاع قد فشلوا فى تحويل أنفسهم إلى لاعب مهم فى السياسات الانتخابية فى مرحلة ما بعد مبارك. صحيح أن هذه المجموعة لم تمثل الغالبية العظمى من المصريين الذين لا يزالون أقل تثقيفا ومحافظين اجتماعيا، لكن هل كان ممكنا وجود زعيم ليبرالى متحضر يناشد آمال كثير من المصريين لتحقيق النمو الاقتصادى والحرية السياسية وأن يكون على الأقل بين المرشحين الأربعة الأهم فى الانتخابات الرئاسية؟".

ويقول المفكر الأمريكى إننا فى حاجة إلى انتظار مزيد من المعلومات والتحليل عن الانتخابات تشمل إلى أى مدى تم التلاعب بها قبل أن نجيب تماما عن هذا السؤال، ويبدو واضحا أن الإطاحة بمبارك أسست ثورة أقل بكثير مما رأيناه، فالجيش لا يزال مؤسسة قوية غير مستعدة للتخلى عن السلطة.

ويعتقد فوكوياما أن جزءا من المسئولية يقع على عاتق الليبراليين أنفسهم، فبإمكانهم أن ينظموا مظاهرات واحتجاجات وأن يتصرفوا بشجاعة متهورة أحيانا فى تحدى النظام القديم، لكن ليس باستطاعتهم أن يذهبوا فى مسيرة حول مرشح واحد ومن ثم الانخراط فى عمل تنظيم حزب سياسى يمكن أن ينافس فى انتخابات محلية، فالأحزاب السياسية تقام من أجل إضفاء الطابع المؤسسى على المشاركة السياسية، وهؤلاء الذين كانوا الأفضل فى الناحية التنظيمية كالإخوان المسلمين كان الأمر سهلا لهم، ويبدو أن الفيس بوك قد أنتج ضوءا حادا لكنه لم يولد ما يكفى من الحرارة خلال فترة ممتدة لتدفئة المنزل.

ويتابع فوكوياما قائلا إن الفشل فى تنظيم حزب سياسى متماسك كان فشلا للجماعات الليبرالية فى كثير من الدول التى شهدت تحولا ديمقراطيا فى العقدين الأخيرين، فبوريس يلسن ساعد فى إسقاط الاتحاد السوفيتى فى التسعينيات وكان مدعوما من كثير من الليبراليين الروس، لكنه لم ير أبدا الحاجة إلى إنشاء حزب سياسى وأمل أن يبقى بكاريزمته الخاصة، كما أن الجماعات الليبرالية الموجودة فشلت فى التوحد فى حزب واحد أثناء الثورة البرتقالية فى أوكرانيا عام 2004، حيث إن المثاليين الذين أيدوا فيكتور يوشينكو لم يقوموا بتأسيس حزب سياسى متماسك وانقسم التحالف البرتقالى نفسه فى ظل صراع بين يوشنكو ورئيس الوزراء لوليا تيموشينكو.

وعلى النقيض من ذلك، فإن الأحزاب الإسلامية فى جميع أنحاء الشرق الأوسط استطاعت البقاء على مدار السنين، على الرغم من القمع، لأنهم فهموا كيف ينظمون أنفسهم. والأمر لا يتعلق فقط باختيار الكوادر والترويج للإيديولوجية، بل عاشوا بين الفقراء وقدموا خدمات اجتماعية مباشرة لأنصارهم. والأحزاب السياسية تزدهر لأنها تدافع عن شىء ما ليس فقط معارضة الديكتاتورية ولكن ببرنامج إيجابى للنمو الاقتصادى والمساعدات الاجتماعية أو مساعدة الفلاحين. وإذا سألنا ناشطا ليبراليا مصريا نموذجيا ما خطتهم للتنمية الاقتصادية، فلست متأكدا أننا سنحصل على إجابة متماسكة.

ويشير فوكوياما إلى أن السيناريو الذى حدث فى مصر مألوف للغاية، فقذ ذكر العالم السياسى الأمريكيى الراحل صامويل هنتجنتون فى كتابه النظام السياسى فى المجتمعات المتغيرة والصادر عام 1968 أن الثورات لا يقوم بها أبدا الفقراء، ولكن يقوم بها نشطاء الطبقة الوسطى الحضريين الذين أُحبطت آمالهم وتوقعاتهم من جانب النظام السياسى القائم. والطلاب يلعبون دورا رئيسيا فى هذه الثورات، ومضى هنتنجتون قائلا إنه مع ذلك، فإن هذا النمط فى أفراد الطبقة الوسطى لا ينهون ثوراتهم أبدا ولا ينجحون فى التواصل مع الجماهير القروية، الطلاب يعرفون كيف يتظاهرون ويشاغبون لكن لا يستطيعون بشكل عام أن ينظموا كيف يخروجون من كيس ورقى، وكل من لينين وماو كانا أستاذين فى التنظيم ونجحا فى الاتصال مع الريف.

وختم فوكوياما مقاله قائلاً، إن الفيس بوك ينسب له الفضل فى المساعدة على بناء الديمقراطية دوليا، وصحيح أنه وغيره من وسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى قد أتاح الوصول إلى المعلومات وجعل التعاون أسهل، إلا أن هذه الوسائل ساعدت أيضا فى الحشد قصير المدى للجماهير والمتظاهرين، غير أن التواصل على الإنترنت ليس بناء تنظيميا.

ولذلك، فإن هناك حاجة إلى منصة مختلفة وتدوم أكثر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة