محمد الشبه

صباح الحرية.. حلف الشيطان!

الأربعاء، 05 ديسمبر 2012 06:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يشغل هؤلاء الذين هتفوا "لا إله إلا الله.. هنحرر مصر من القضاة" أنفسهم بقراءة مسودة الدستور الذين سيذهبون بعد أيام ليصوتوا عليه بـ"نعم".. شيوخهم قالوا لهم صوتوا!.. وهم سيقولون نعم لدستور لم يقرأوا منه حرفا لأن نصفهم لا يقرأ ولا يكتب.
والصورة، كما تبدو هكذا، ليس فيها من ثورة 25 يناير شىء يذكر.. ليس فيها قضية وطنية ولا صراع بين قوى سياسية حول رؤاها لمستقبل الوطن.. نحن الآن فقط أمام حرب بين من يعلنون بوضوح الجهاد لإقامة الدولة الإسلامية وبين هؤلاء الذين يقاومون ويرفضون تسليم رايات ما تبقى من مدنية الدولة لجحافل المماليك والانكشارية التى ترفع فى الميادين أعلام القاعدة السوداء، وترفض الوقوف لعلم مصر والنشيد الوطنى!، إن الصراع الدائر فى مصر الآن يتجاوز أزمة الدستور والإعلان الدستورى ويتخطى أوهام المنتظرين لتراجع محمد مرسى أو اقتناع جماعة الإخوان بحلول وسط أو بتوافق جزئى تقبله المعارضة، الصراع علنى وواضح تماما حول هوية الدولة وعلى السلطة، وتحديدا على حكم طويل الأمد لمصر، وليس على مجرد أربع سنوات يحتل فيها الإخوان مقعد الرئاسة ويتركونه بعد ذلك للتداول ولصندوق الانتخاب.
والذين يأملون الآن أن معركة الرئاسة القادمة ستنحصر بين مرسى وصباحى أو بينه وبين البرادعى يخطئون قراءة المشهد الذى جرى أمام جامعة القاهرة.. هذا المشهد لم يكن الإخوان فى صدارته كالعادة، بل احتله قادة الجماعات الإسلامية والسلفية والجهادية وشيوخ الدعوة السلفية الكبار، وهؤلاء خرجوا إلى الشوارع ليس لحماية نظام مرسى والإخوان، وليس دفاعا عن الإعلان الدستورى ولا عن الدستور الذى لا يرضى طموحهم فى الحكم بالشرع، وإقامة دعائم دولتهم الاسلامية.. إنهم خرجوا ليقولوا لمرسى نحن اليوم شركاؤك نحميك من منافسيك.. وغدا تتبادل الأدوار والمواقع لنأخذ نصيبنا من كعكة الحكم!.. وليس بمستبعد أن نجد أحدا من آل الزمر أو آل الظواهرى ينافس على حكم مصر فى انتخابات الرئاسة القادمة.. ولم لا؟ أليس هؤلاء هم من احتلوا المقاعد الأولى فى مقصورة الاستاد فى احتفالات أكتوبر بعد أن غسل مرسى أيديهم من دماء السادات.. القائد الذى حقق هذا الانتصار.
والمؤكد أن سقطات نظام مرسى المتوالية بدءا من أكاذيب المائة يوم وانتهاء بالاحتفال المهيب بتعامد الشمس على وجهه وهو يتسلم مشروع الدستور من كبير كهنة الجمعية التأسيسية، كل هذه السقطات والكوارث تكتب بداية النهاية لحكم جماعة الإخوان، ولكنها لا تقوض أحلام الفصائل المتطرفة فى تيار الإسلام السياسى للوصول إلى السلطة بكل الوسائل، بعد أن استيقظت تماما كل خلاياهم النائمة، وأصبحت تمارس نشاطها فى العلن من سيناء إلى الصعيد إلى الإسكندرية!.
وقبل أيام خرج على شاشات تليفزيون الإخوان فى ماسبيرو أحد قياداتهم معلقا على مظاهرات جامعة القاهرة ليقول: "إنها معركة الإسلام فى أرض الكنانة.. العلمانيون لن يحكموا مصر بعد الآن! ولعل الإخوان هم أول من سيدفع فاتورة حلف الشيطان الذى عقدوه مؤقتا مع الفصيل المتطرف الذى اعتلى منصة جامعة القاهرة وزحف بعد ذلك إلى غزوة المحكمة الدستورية، وربما هم يتجاهلون مرحليا الشعار الذى رفعته هذه الحشود لمليونية "الشرعية والشريعة".
والارتباط العضوى بين الحكم والشريعة هو ما يجب على الإخوان الاعتراف به والالتزام به مقابل استمرار هذا التحالف، إن عاجلا أو آجلا! وإذا كان نظام مرسى يراهن على انقشاع الغبار الكثيف بعد الاستفتاء على دستور جماعته، فإن هذا لن يحدث.. الحلفاء سيطالبونه بسداد الفاتورة، والقوى المدنية المتمثلة فى جبهة الإنقاذ الوطنى لن تترك له مساحة جديدة للمناورة أو محاولة كسب الوقت، بعد أن سقطت عنه كل الأقنعة تماما وكشف عن وجهه الفاشى باستعداده الأحمق لتقسيم الأمة، ووضعها على حافة حرب أهلية مغلبا مصالح جماعته فوق مصالح الأمة.
إن حلف الشيطان الذى يتستر بالدين ويسوق البسطاء ليبصموا بنعم لحكم الجاهلية، يمكن أن يتفكك وتتداعى قواعده سريعا إذا ما نزلت النخبة من أبراجها العاجية فى القاهرة، واقتنعت بأن الثورة ما زالت فى الشارع، وأنها لا بد أن تتواضع قليلا وتترك العاصمة وتبدأ هناك من أطراف مصر ومن قلبها، حيث يشتعل غضب هائل تحت الرماد ينتظر غلطة أخرى من نظام مرسى!!.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة