محمد الشبه

صباح الحرية.. رئيس جمهورية غزة!

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012 05:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تكن مصر أكثر كآبة من أى وقت مما هى عليه هذه الأيام، ربما عاش المصريون انكسار الحلم وذاقوا مرارة الهزيمة فى يونيو 67، ولكن الهزيمة وقتها كانت من عدو إسرائيلى وليس من عدو مصرى يتشدق بالوطنية ويرفع شعارات الثورة بينما هو يخون أبسط مبادئها ويجهض كل ما خرجت من أجله!.. مصر الآن أصبحت بلد الجنازات من سيناء إلى أسيوط، والشهداء الذين لم يسقطوا فى شارع محمد محمود أو أمام ماسبيرو يتساقطون الآن على طرق الفساد وتحت عجلات القطارات أو برصاص الإرهاب الأعمى الجديد فى سيناء!، ومصر الآن يحكمها رئيس جمهورية غزة الذى ينتفض من أجلها غيرة وحماساً، ويلقى خطاباً لنصرتها مدته 23 دقيقة بينما يكتفى بـ29 ثانية للعزاء فى 53 طفلاً من أبناء شعبه دهسهم قطار نظامه المتهالك! لا أحد فى نظام الرئيس مرسى ولا فى جماعة الإخوان المسلمين يستطيع أن يزايد على إيمان المصريين بالقضية الفلسطينية وعلى تضحياتهم من أجلها، ولكن غزة ليست أسيوط ولا فقراء مصر الذين يسحقهم الظلم والبطالة والمرض والذين صبروا طويلاً وانتظروا أن يكونوا الشعب الأولى بالرعاية، وغزة قطعة من جسد الوطن الكبير نذود عنه بكل إمكاناتنا ونقتسم اللقمة والكهرباء والغاز والدواء معه، ولكن غزة ليست سيناء التى تضيع من بين أيدينا وحالها الآن أسوأ من حالها تحت الاحتلال، وهى ليست جزيرة القرصاية الفقيرة الملقاة على قارعة النيل المنهوب والمحتل بالجيش والشرطة وبتعديات أصحاب النفوذ!، ولا أتصور أن يخوض الجيش معركة مع فقراء عزل فى الجزيرة ويسقط فى المعركة قتلى ومصابون ومعتقلون حاولوا الدفاع عن أرزاقهم وأرضهم وأماكن صيدهم، بينما البد كلها ترتدى السواد وتمشى فى جنازات أطفال أسيوط، ولا أصدق أن الحكومة تفتح جرحاً جديداً فى قلب البلد، بينما هى تصنع خصومه مع الجميع، قضاة وصحفيين ومعلمين وأطباء وعاملين فى السكة الحديد والمترو!، لا أصدق أن حزب الرئيس وجماعته وأركان نظامه يحتشدون بالزاد والمؤن ويسافرون إلى غزة بينما بحر الدم والدموع يغرق أسيوط ومصر كلها.. وبينما كان أهالى الضحايا ينتظرون أن يسرع الرئيس إليهم لمواساتهم، كان هو فى القاهرة مشغولا باستضافة أردوغان وخالد مشعل ويكتفى بإصدار توجيهاته برفع سعر تعويض المصرى المقتول فى عهده من 5 آلاف أى 50 ألف جنيه.. يا بلاش!!.

إن مشكلة المصريين مع نظام مبارك كانت أنه لم يكن يرى أو يسمع أو يتكلم، والمأساة أن نظام الرئيس مرسى يسير على نفس النهج، ولا يرى ولا يسمع.. يتكلم ويتكلم فقط ولا يعى أن مصر كلها لم تعد تسمعه، فهى إما واقفة فى طوابير الخبز أو فى تظاهرات الاحتجاج على سياساته، أو فى جنازات كوارث حكومته العاجزة الفاشلة الرخوة!.

نظام الرئيس مرسى لا يرى أن تأسيسية الدستور سقطت وأنه الآن يدخل التاريخ باعتباره الرئيس الذى يكتب دستورا قمعياً وعنصرياً يريد فرضه على المصريين!، ونظام الرئيس مرسى لا يسمع التحذيرات المتصاعدة بأن البلد مقبل على ثورة جياع.. المحرومون الغاضبون والمحبطون يستعدون منذ الآن لـ25 يناير القادم!، ونظام الرئيس مرسى لا يريد الاعتراف بأن مصر الآن تشهد أخطر فتنة سياسية وطائفية فى تاريخها، ومع ذلك هو لم يكلف نفسه أن يجامل أشقاء الوطن ويحضر مراسم تنصيب البابا!، إنه يتكلم.. ويتكلم فقط عن التوافق، ولم الشمل بينما مصر تعيش فى عهده انقساماً مرعباً بين من يريدون إقامة دولة دينية ويتركهم يرفعون أعلام القاعدة السوداء فى ميادين مصر وبين من يريدونها مدنية وديمقراطية!، إن نظام الرئيس مرسى ورئيس وزرائه يكتفون بالقول إن الدولة "قوية"، ولا أحد يعرف عن أى دولة يتحدثون؟!، أذكر أن حبيب العادلى كانت آخر تصريحاته قبل 25 يناير أن الدولة قوية.. كان يقول ذلك فى الوقت الذى كانت مصر كلها تغلى بنيران الثورة، وكانت مأساة العادلى ونظامه أنه لم يسمع، وها هو نظام مرسى لا يستشعر الخطر، ولا يتعلم ولا يفهم!!.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة