المواجهة مع طيور الظلام

خلط الجد بالهزل والهزل بالجد فى مسألة جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى أعلنت عن نفسها عبر صفحة على موقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت-فيس بوك- أمر غير مقبول، فالبداية دائما ما تبدأ بالهزل والسخرية و«التريقة» دون مواجهة حقيقية لوأد الفكرة فى المهد ثم نفاجأ بأنها تحولت إلى أمر واقع مزعج.

الدعاوى على الصفحة الإلكترونية بدأت نذرها على الأرض بقيام بعض الشباب الملتحى من ذوى الجلابيب البيضاء المنتمى إلى الجماعات السلفية باعتراض طريق المارة أو الذهاب إلى بعض المحال والمقاهى لإبداء اعتراضهم على بعض الممارسات الاجتماعية الخاصة والتى يراها ذو الجلابيب من البدع وتتنافى مع ما يعتقدون أنه السلوك القويم وفقا لفكر جماعات الأمر بالمعروف، الوهابية السعودية، وبالتالى لابد من النهى عنها لأنها«منكر» كما يدعون ويتبعون فى ذلك أولى الأمر فى المملكة.

الروايات التى تتردد خلال الفترة القليلة الماضية من قيام بعض الأفراد باعتراض بعض النساء فى الشوارع أو الذهاب إلى المحال والمقاهى فى إحدى المدن الساحلية وإعلان مؤسسى صفحة فيس بوك عن فتح باب التطوع بمبالغ كبيرة معروفة المصدر بالتأكيد يثير القلق فى حالة السكوت عنها أو مواجهتها من المجتمع مرحليا على الأقل، لأن تلك التصرفات للمنتمين للأفكار السلفية تدخل فى باب الاعتداء على الحريات الشخصية وهو ما يعاقب عليه القانون.

المجتمع الآن عليه التصدى لتلك المحاولات من جماعات لم تر النور ولم تمارس شرعيتها وحريتها إلا بعد ثورة لم يشاركوا فى صنعها أو حتى تأييدها بل كفروها وأصدروا الفتاوى التى لا تجيز الخروج على الحاكم واعتبروا من ثاروا فى 25 يناير، وما بعدها من «الخوارج»، ويريدون الآن أن يطبقوا فكر البداوة والصحراء على مجتمع قام بثورة إنسانية عظيمة من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية والمدنية والحضارة.

من هنا أدعو المجتمع إلى التصدى لهذه الأفكار والممارسات ولا يستسلم لها لأنه هو الذى قام بثورة التغيير وعليه الحفاظ على ثورته قبل أن يسرقها طيور الظلام.
الدعوة الأخرى لأجهزة الدولة المعنية التى عليها واجب المواجهة لأن ما يقوم به بعض الأفراد يخالف القانون الذى يحمى الحريات الشخصية لأفراد المجتمع.