أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

بعد نهاية أبومازن.. من يتحدث باسم الشعب الفلسطينى؟

الأربعاء، 11 نوفمبر 2009 07:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إعلان الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة فى يناير القادم، ليس مناورة لسياسى مخضرم، بقدر ماهى صفعة للإدارة الأمريكية وللرباعية الدولية، وكل وسطاء عملية السلام، الذين تركوا أبومازن وحيداً يواجه تطرفاً إسرائيلياً متمثلاً فى حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، وتطرفا آخر فى الداخل الفلسطينى متمثلا فى حركة حماس، التى رفضت كل الحلول الوسط للدخول فى عملية التسوية كطرف رئيسى مع فتح، وسط إغراءات الاندماج فى المجتمع الدولى، ورفع الحظر عنها، وإعطائها امتيازات اقتصادية وتنموية فى القطاع، إلا أن حماس قطعت طريق المصالحة برعاية مصرية، وظلت تشوه صورة أبومازن، وتشكك فى شرعيته، دون أن توجد بديلاً مناسباً للتفاوض مع إسرائيل، لتصبح الأرض خرابا، وتنتهى كل مرجعيات السلام فى مدريد وأوسلو وواى بلانتيشن ووادى عربة وكامب ديفيد الثانية وخارطة الطريق، وتعود القضية للأرض الخراب «لا صلح لامفاوضات».

لم يكن محمود عباس محبطاً، بل كان صادقاً مع نفسه، وهو الصوت الذى اعترف الأوروبيون بأنه الأكثر اعتدالاً فى الزعماء الفلسطينيين، ليس لتفريطه فى حقوق شعبه، وهو أحد مؤسسى حركة النضال الفلسطينى فى المنفى، ولا يمكن لأحد أياً كان حتى من خصومه أن يزايد عليه، لكن الغرب رأى فى أبومازن قبولاً بحلول وضمانات أفضل من لا شىء، فالرجل الذى استطاع إقناع أوروبا بالاعتراف بجواز السفر الصادر عن السلطة الوطنية، وقام بجهود مضنية فى إقرار اتفاق 2005 مع إسرائيل والرباعية الدولية، قبل أن تجهضه حماس بانقلاب غزة، ولا ننسى أن السلطة الفلسطينية كما قال د. على الغتيت نائب رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولى، هى التى استطاعت الحصول على أول حكم تاريخى يدين إسرائيل فى محكمة العدل الدولية، وهو حكم عدم شرعية بناء الجدار العازل.

وكما أشارت الديلى نيوز الأمريكية، فإن عباس نفذ ما عليه من التزامات وفق خطة الطريق، وأنه كان يجب على أمريكا أن تفى بوعودها، كما رأى محللون أمريكيون أن أبومازن كان أفضل شريك لكنه وجد الخداع بدلاً من الاستجابة.

إن إحباط أبومازن جعله يفكر فى إنهاء حياته السياسية على مذبحة الاستيطان الإسرائيلى المستمر دون هوادة، متحديا إدارة أوباما الشاحبة بتعبير د. حسن أبوطالب نائب مدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية الذى يوضح أن «أبومازن، لن يكون مجرّد ضحية عادِية، فهو كرئيس بَشّـر بدولة عبْـر المفاوضات، وجد كل الأبواب مسدودة، ولا أحد يساعد فى فتح أحدِها، ووجد كل التّـلاعب والخِـداع من الأصدقاء والأشقّـاء وذوى المصالح العالمية، استناداً إلى الضّـعف الفلسطينى، ومن ورائه الضّـعف العربى العام».

إن القضية ليست خروج شخص من السلطة هو محمود عباس، بل نهاية خيار السلام الاستراتيجى الذى راهن عليه ياسر عرفات ورفيقه أبومازن، ولن يأتى رئيس جديد للسلطة ليكمل هذا الخيار، ويواصل طريق المفاوضات الصعب الطويل مع طرف إسرائيلى خاضع لتركيبة داخلية معقدة، يحتاج إقناعها بترك أرض جديدة، وإقامة دولة ذات سيادة حقيقية، وعلم وعملة موحدة، إلى حرب العقول وليس صواريخ القسام البدائية التى لا ترجع أرضاً، ولاتحقق استقلال ومصير أمة أكثر مما تحفر حفرة سطحية فى مبنى خال من السكان.

تراجع وإحباط أبومازن تبعه بيان شماتة من خالد مشعل «أبو الوليد» إلى «أبومازن»، يقول له «لقد كان رهانك فاشلاً، لأنك تركت المقلاع والبندقية واتبعت طريق التسوية السلمية الفاشلة». ولم يقدم مشعل لشعبه المحاصر مجرد اقتراح يرفع عنه الحصار، ويفتح المعابر، ويسمح بإدخال الأدوية ولبن الأطفال للقطاع، بل أراد مشعل أن يرفع راية معسكر التشدد «قطر وسوريا وإيران»، ويشرب معهم نخب الانتحار السياسى لأبومازن ووفاة عملية السلام، ولم ينس أن نتنياهو مثله سعيد بالمشهد الفلسطينى المنقسم على نفسه، ليظل يساوم بحجة عدم وجود من يتفاوض معه باسم الشعب الفلسطينى.

وفى وقت انشغلت فيه الدول العربية بمعارك داخلية «العراق وسوريا» والعراق واليمن والسعودية والحوثيين، بينما انشغل المجتمع الدولى ببرنامج إيران النووى، فإن المسرح لن يشهد أى تقدم، وسيظل أبومازن نموذجاً لدبلوماسية المثانة التى تتبعها هيلارى كلينتون وشركاؤها الأوروبيون، والتى لن تفرخ سوى مزيد من التطرف والتوتر فى المنطقة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة