مقالات

إصلاح الإعلام أولا

الثلاثاء، 08 فبراير 2011 02:15 م

بقلم شريف حافظ

طلب منى بعض الأصدقاء يوم، الأحد، الموافق 30 يناير الماضى، أن أرافق فريق عمل إحدى القنوات الفضائية الإنجليزية للترجمة لهم، فى إطار متابعة الأحداث فى ميدان التحرير. ولقد مكننى هذا العمل، الالتقاء بالكثيرين على الأرض، سواء تكلمنا عن المتظاهرين، من مختلف الاتجاهات، أو القائمين على الأحزاب أو الناشطين أو الجماهير التى اشتركت على الأرض.

وعلى مدى الأيام ما بين مساء يوم، الأحد، الموافق 30 يناير ويوم، الخميس، الموافق 3 فبراير تواجدت حول أو بداخل ميدان التحرير، وتابعت الحدث لحظة بلحظة.
ولقد لاحظت كم من الملاحظات المهمة فى إطار المتابعة الإعلامية وتعلمت الكثير من خلال تلك الأزمة، ومهنية الإعلام وكيفية إعداد الأفلام الناقلة للأخبار من قلب الأحداث. ولكنى فوجئت بأمر غاية فى الغرابة من قبل من كنت أظنهم، أُمناء على نقل الخبر فى الغرب. فلقد صادفنا صباح يوم، الأربعاء، شباب وهم يتنازعون فى الشارع بصوت عال، فذهبنا إليهم، لنرى ما الأمر، فوجدناهم مختلفين على ما اختلف عليه المصريون منذ اندلاع الأزمة، فيما يخص الأمر، حول ما إذا كان الرئيس يرحل الآن أو أنه يظل معنا، من أجل خيار "الاستقرار" حتى سبتمبر، عند إجراء الانتخابات!

صورناهم وتكلموا معنا، وكان بعضهم ممن يؤيد خيار الاستقرار "يبكى" من قلبه، وهو يشرح لنا لماذا اختار هذا الخيار. وبعد أن تركناهم، وجدنا الكثيرين من مؤيدى خيار الاستقرار واثنين آخرين بكوا أيضاً من نفس الشىء، وكانوا مواطنين عاديين غير مسيسين!! وعندما أتى المساء، وكانوا يقومون بعمل المونتاج، حيث كنت أساعدهم، فيما قاموا به، بالترجمة على الصوت، وجدتهم يستبعدون كل مشاهد "بُكاء" المواطنين المدعمين لخيار الاستقرار، وبثوا فقط مشاهد الهجوم الخاص بالحشد القادم من كوبرى 6 أكتوبر ومن فاضت عواطفهم، لدرجة أنهم كانوا سيضربوننا عندما رأوا الأجانب، وكانوا يرفعون شعار: "الجزيرة فين؟ المصريين أهم"!! فسألتهم: لما لا تبثوا مشاهد البُكاء، ثم تقولون إن "كل" من يؤيد خيار الاستقرار دُفع لهم من الحزب الوطنى؟؟ أرى أنكم يجب وأن تأتوا بالحقيقة كاملة، من أول مشاهد البكاء، حتى ضرب البلطجية للمتظاهرين، فرفضوا.. وتأكدت أنهم يريدون إرسال رسالة ناقصة، وفقاً لوجهة نظرهم، كالذين يشوهون التاريخ تماماً!!

إلا أن المُفاجأة كانت فى نفس الليلة، بينما كنت أُشاهد التليفزيون المصري، حيث الحديث كان يدل على الاستهزاء بالثوار، وبثورتهم وعددهم. وأنا أشهد للحق، أننى شاهدت فى الميدان شباباً كثيرين فى قمة الذكاء والحماس والإيمان بالهدف، ورأيت فى عيونهم الإصرار والرغبة فى إيصال مصر للأفضل، بمطالب، طالما حاربنا من أجلها، ولكنهم علمونا الدرس ونفخر بأننا نتبعهم، دون من يمتلك أجندات أخرى فى ميدان التحرير!!

لقد تعلمت، أننا يجب وأن نصلح إعلامنا أولاً، قبل أن نُدين إعلام الآخرين!! وأتمنى لو أننا ألغينا وزارة الإعلام تماماً، فى إطار تحولنا إلى ديمقراطية مدنية، كما يصبوا شباب الثورة، فى ظل دستور مدنى تعددى، لا يضع شخصاً فوق شخص ولا يميز بين الناس!! إن وزارات الإعلام، إنما تقوم فقط فى الدول السلطوية، وعلينا التخلص من توجيه رسالات الإعلام، طالما نريد الحرية، وأن نتمتع بالحياد المطلوب للوصول إلى الحق، والحديث به تجاه الجميع، أياً كانوا، لنضمن العدل، من خلال رسالتنا فى الداخل والخارج!
ومصر أولاً