مقالات القراء

عبير حجازى تكتب: أهكذا يكون الإعلام المصرى

الأربعاء، 02 فبراير 2011 05:07 م

فى رسالة أرسلها شعب مصر لحكومته ظهر فيها شباب مصر بمظهر حضارى مظهر رائع لن ينساه التاريخ فى وقفة سلمية للتعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه فى مشهد من أروع المشاهد التى تجلت فيها روعة الشباب الذين استحقوا أن نرفع لهم القبعات احتراما وإجلالا لموقفهم الواعى المتحضر. رسالة كتبها شهداء السويس بدمائهم وسطرها شباب مصر الذين صمدوا أمام خراطيم المياه الكبريتية والضرب المبرح من أفراد الأمن والقنابل المسيلة للدموع. رسالة كتبها الشباب بمحض إرادته بعيدا عن أى تأثير لأحزاب ولا جماعات، بعيداً عن أى أجندة سياسية، فجميعهم جمعتهم الرغبة فى التعبير عن أنفسهم، وجمعهم الإصرار على مواجهة البطالة والجوع والظلم والفساد.

رسالة كتبها شباب طالما اتهمناهم بالتفاهة وعدم تحمل المسئولية والسلبية والعديد من الصفات التى أمطرهم بها البعض، وها هم اليوم يثبتون لنا العكس يثبتون للجميع أن المعدن الأصيل للشعب المصرى لم ولن يتغير مهما تغيرت الظروف وتعاقبت الأجيال، حتى وإن علاه بعض من الصدأ، إلا أن جوهره سرعان ما يظهر بمجرد أن تمسحه بيدك لتزيل أى أثر من عليه.. شباب لم يعملوا بالسياسة وليس لهم أى انتماء لأى جماعات، وليس لهم أى غرض سوى المطالبة بحقوقهم. شبابنا لم يلقوا بالحجارة ولم يخربوا المنشآت ولم يحرقوا ولم يدمروا، وما حدث من أعمال شغب أو تخريب إنما كان بفعل المندسين من أصحاب المصالح الذين أرادوا إفساد هذا اليوم، وما فعله بعض من الشباب لم يكن إلا رد فعل لما تعرضوا له من ضرب واعتداء.

وفى خضم كل هذه الأحداث والجميع يتلهف لمعرفة ما يحدث على أرضنا ما يحدث فى بلدنا وطننا الذى هو حياتنا نتلهف لمعرفة أى خبر أو معلومة، فلا نجد سوى سحابة قاتمة من التعتيم وقنوات التليفزيون لا تعرض إلا المسلسلات المعادة والأغانى! ثم تطالعنا واحدة من أقدم الصحف المصرية القومية بأن عدد المتظاهرين ما بين الخمسين والمائة شخص، وهو رقم أقل من عدد المصابين والمعتقلين الذين أعلنت عنهم وزارة الداخلية نفسها كيف يعقل هذا؟! ثم تطالعنا صحيفة أخرى من أعرق الصحف أيضا، والتى تعد الصحيفة الناطقة باسم الحكومة المصرية بمانشيت رئيسى عن احتجاجات وإضرابات واسعة فى لبنان!!

لماذا يسفهون من وقفة الشباب لماذا دائما هناك حاجز كثيف يمنع الرؤية؟ لماذا هذا التعتيم فى بعض وسائل الإعلام؟ الأخبار كلها موجودة فى برامج التوك شو وعلى صفحات الإنترنت والفيس بوك وفى بعض الصحف المحترمة التى تتابع الأحداث لحظة بلحظة، فهناك العديد من الصحفيين قد تعرضوا للضرب والإيذاء والاعتقال، وهناك العديد من المراسلين حطمت كاميراتهم، ومع هذا أصروا على أداء واجبهم، وهناك بعض من الصحفيين قد انضموا للمظاهرات، إذا فلماذا التعتيم، أليس من الأفضل أن يكشفوا عن حقيقة الأحداث بكل وضوح وشفافية بدلا من السماح للبعض بالصيد فى المياه العكرة ودس الشائعات والأكاذيب التى كان لها أثرها السيئ، وخاصة على الاقتصاد، وها هى البورصة المصرية تخسر المليارات، إلى متى ستظل ثقافة "كله تمام يا أفندم" هى السائدة، متى نعرف الاعتراف بالخطأ متى تظهر لنا الصورة واضحة جلية دون حجب أو تعتيم، إلى متى سنظل نتلقى معلومات عن أنفسنا من الغير، أهكذا يكون إعلامنا.