مقالات القراء

د.إيهاب عبده يكتب: استعد لحياتك

الإثنين، 24 يناير 2011 11:33 م

ما يدفعنى للكتابة اليوم هو ما أشعر به خلال الخمس سنوات الماضية من أعراض صحية ونفسية غريبة لا أعتقد أننى الوحيد الذى عانى أو سوف يعانى منها من أبناء هذا الوطن! فالبرغم من أننى إنسان رياضى ومهتم بصحتى بشكل كبير إلا أننى أعانى دوما من الأرق والتوتر وتزداد الوتيرة لأصاب بالقولون العصبى والتهاب المعدة! ليس هذا فحسب بل تعداه لتسارع ضربات القلب بدون أى مؤشرات طبية تدعو لذلك، قررت منذ أيام قليلة أن أعيد تشكيل النمط السلوكى والتفكيرى الذى أشارت إليه أصابع الاتهام أنه السبب فيما أعانى منذ فترة لعل وعسى أن أشعر بأى تغيير يذكر! وإليكم التجربة:

لاحظت أننى- وكأى فرد من هذه الأمة- مهتم بشكل كبير بمتابعة القضايا المهمة من ثورة تونس إلى محترقى وسط البلد.. من انتخابات مصرية إلى تقسيم للسودان.. ومن تفجيرات فى كل أنحاء الدنيا وحتى كنيسة القديسين.. وغيره وغيره.. ولاحظت أيضا أننى أبتدئ قراءة الأخبار بهذه المنغصات يوميا، بل وأتابعها فى الفضائيات وبرامج التوك شو ليلا.. وأتناقش فيها مع أصدقائى صباحا! أى أنه عرض متصل لمدة 24 ساعة من الألم والعصبية والحزن والصراعات! حينها تعجبت أننى لم أصب بسكتة قلبية خلال السنتين الماضيتين! وأدركت عظمة الخالق فى إبداع أجسادنا البشرية وقدرتها على التكيف والتحمل المستمر، بعد ملاحظاتى تلك، والتى لا أظن أنها ملاحظات ألمعية، تمعنت جيدا فى المحتوى الثقافى والإعلامى والأدبى بل والعلمى المحيط بنا.. وهنا ثارت دهشتى عندما اكتشفت أن هناك الكثير والكثير من المحتوى الإنسانى الإيجابى فى كل ما هو حولنا.. هناك أخبار ثقافية تدعو للفخر! إنجازات علمية ولو محدودة.. ثورات فنية متلاحقة.. تجارب سياسية محترمة..أخبار العالم وكيف يصنع نجاحات تلو الأخرى! هناك برامج لا تتحدث عن الألم والموت! وصحف تحتوى آلاف المحتوى المفيد والمثرى!.. بدأت عيناى ترى كتابا يجعلونك تبتسم عند القراءة لهم! وإعلاميين يقدمون إيجابيات وتطبيقات مفيدة! وملايين الصفحات المحترمة على الإنترنت تضيف لك كل يوم شيئا جديدا وله قيمة! حينها أدركت أن السبب فى كل ما أعانى، وربما أنت معى، هو أنت وليس أحد غيرك! فنحن نتلهف ليل نهار على تلقف كل ما هو سلبى ومحبط ومظلم! ونبحث عنه هنا وهناك.. بل ولربما قررنا التنحى لأيام عديدة عن المتابعة الإعلامية لو لم نجد فيها ما هو محبط وقاتل!؟ لا أدعو هنا لمقاطعة أخبار (الحقيقة) التى حولنا بل أدعو لأن نجلس مع أنفسنا لبضع دقائق نفكر فيما نفعله بشكل تراجيدى ومهلك كل يوم وكل ساعة دون أن نشعر! فنصبح حينها وكأننا نتهاوى أو نغرق إلى القاع دون أدنى رغبة أو إرادة أن ننتشل أنفسنا.. ونصاب بالأمراض والأوجاع مرة تلو مرة ونحن لا نعى تحديدا ماذا يحدث لنا.

ولنأت للنهاية.. فقد بدأت أعيد توازنات التلقى الثقافى والاجتماعى والأدبى فى كل ما يحيط بى.. وبدأت أقرأ، وعلى سبيل المثال، الأخبار الثقافية والعلمية.. أخبار السياحة والاختراعات.. بدأت أبحث عن برامج تضيف لى الجديد بل فقرات داخل برامجى المفضلة تعيد لى الأمل، ربما تعلق هنا وتقول إن كل ما ذكرت سوف يحتوى أخبارا سلبية وسوداء.. وأقول لك إنها، كما تحتوى هذا، فإنها أيضا تحمل الكثير من الأشياء المختلفة والتى لم تعتد عيناك على رؤيتها، لأننا سجنا أنفسنا فى نمط ودائرة مغلقة من الإحباط والفشل والظلم الذى يحيط بنا ليل نهار! ولتقم بهذه التجربة البسيطة.
\
عد إلى صفحة "اليوم السابع" الرئيسية الآن وتناسى طريقتك المعتادة فى تصفحها..ابحث فى أبوابها وتفريعاتها المختلفة.. سوف تفاجأ أنك سوف تجد أعدادا غير محدودة من الأخبار والتقارير والمقالات التى تدفعك إلى الإيجابية وتضيف لك الجديد بل وتلهب حماسك أحيانا! بعدها تناول أخبارك الاعتيادية، ولكن هذه المرة مع توازناتك الفكرية الجديدة. حاول تطبيق هذا المبدأ فى كل ما يحيط بك- كما فعلت أنا- ولسوف تفاجأ بالنتيجة، ليس على المستوى النفسى والفكرى فحسب، بل أيضا على مستوى الصحة العضوية!

أؤكد لك أن حياتك كلها سوف تتغير.. وسوف تشعر بهذا التغيير خلال أيام قليلة.. المهم أن تبدأ.. أنت تمتلك السعادة بين ثنايا عقلك وهى أداة يمكن تطويعها وتدريبها لتقودك لحياة أفضل.. القرار قرارك.. فلا تتردد.