ملفات خاصة 1

«جدة» مدينة اللاجئين

الخميس، 20 يناير 2011 10:49 م

أكرم سامى

◄◄استقبلت عيدى أمين ومشرف ونواز شريف وأخيراً زين العابدين
«جدة» مدينة الجمال النائمة فى أحضان جبال الحجاز، والتى أصبحت الآن وجهة لعالم المال والأعمال، عادت لتصبح مدينة اللاجئين بعد أن استضافت العديد من اللاجئين السياسيين الذين تخلت عنهم الدول المجاورة، والذين لا يريدون مشاكل لدولهم، واستقبلت جدة من قبل الرئيس الأوغندى عيدى أمين، ومن بعده نواز شريف ثم برويز مشرف، وأخيراً الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على الذى فر هارباً من بلاده بعد الإضرابات الشعبية التى أطاحت به. وقديما كانت القاهرة مأوى لكل مطاريد الزعماء حتى بورقيبة نفسه وملك اليونان وملك إيطاليا وزعماء المعارضة الليبية واليمنية، ولاتزال تقيم بها عائلة الزعيم المنفى السورى عبدالحميد السراج.

لم يتوقع أحد أن تستقبل جدة الرئيس التونسى بن على، وتوقعوا هروبه إلى فرنسا أو مالطة أو أى دولة أوروبية مجاورة بعد تخلى الرؤساء العرب عنه، خاصة الولايات المتحدة وفرنسا اللتين كانتا من أشهر حلفائه فيما يسمى بالقضاء على الإرهابيين ضد الإسلاميين، والغريب الآن أن باريس وروما ومالطة أشهر مدن السياسيين اللاجئين فى العالم رفضت استقبال بن على حتى لا تغضب الجاليات التونسية الكبيرة بها، رغم أنها استضافت من قبل عددا من السياسيين، خاصة من التونسيين، مثل رئيس الوزراء السابق محمد مزالى، ووزير الداخلية الطاهر بلخوجة.

وقد فاجأت الحكومة السعودية العالم باستضافة الرئيس التونسى زين العابدين بن على وأسرته فى المملكة، بعد فراره من تونس إثر انتفاضة شعبية، لأسباب إنسانية، ونظرا لصداقته برجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال.

وكان زين العابدين ظل يبحث عن مكان يستقبله كلاجئ سياسى وهو مازال عالقاً فى طائرته الهليوكوبتر الليبية، إلى أن جاءته رسالة إنقاذ من السلطات السعودية استطاع بها الهبوط فى جدة بالسعودية واستقبلته جدة فى نفس القصر الذى استقبلت فيه الرئيس الأوغندى السابق عيدى أمين.

وعلى نفس نهج زين العابدين استضافت السعودية الرئيس الأوغندى عيدى أمين الذى كان رئيس أوغندا فى الفترة ما بين 1971 1979، والذى تسبب فى تفجير الصراعات الأهلية الشديدة بين الأعراق المختلفة بأوغندا والعنف المستمر واغتيال المنافسين السياسيين، واتهم من القوى الغربية بالديكتاتورية، وسحق المعارضة حيث قدر عدد القتلى فى فترة حكمه ما بين 80 ألفاً و500 ألف، حسب تقديرات المنظمات الغربية، وتشكك منظمات أخرى بذلك فى إطار الدعاية ضده، وتم إبعاده إلى السعودية حيث توفى هناك عام 2003.

بعد أن توجه عيدى إلى السعودية مكث بها إلى أن رقد فى مستشفى فى مدينة جدة بعد مرض خطير فشل الأطباء فى معالجته، وأكدت المصادر الطبية من المستشفى موت عيدى أمين فى المستشفى نتيجة المرض 13 أغسطس عام 2003.

استقبلت السلطات السعودية أيضاً نواز شريف، زعيم المعارضة الباكستانية حالياً، وهو سياسى باكستانى تقلد مناصب سياسية عديدة من أبرزها رئاسة الوزراء فى بلاده قبل أن يطيح به الرئيس الباكستانى وقتها برويز مشرف فى انقلاب عسكرى سنة 1999، وقد ظل فى المنفى إلى أن عاد إلى بلاده فى نوفمبر 2007.

وفى شهر سبتمبر 2007 عاد نواز إلى إسلام آباد غير أن السلطات الباكستانية قامت بترحيله إلى جدة بعد ساعات قليلة من وصوله، غير أنه عاد إلى باكستان مُنهيا منفاه فى السعودية فى 25 نوفمبر 2007 مرة أخرى.

لاقى الجنرال برويز مشرف، رئيس باكستان السابق، نفس معاملة نواز، حيث عرضت المملكة العربية السعودية أيضاً استضافته كلاجئ سياسى، مقابل تنازله عن السلطة فى ظل الضغوط التى تمارسها المعارضة هناك من أجل عزله أو إقالته ثم تقديمه للمحاكمة.

وعرض رئيس المخابرات العامة السعودية الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذى وصل سراً إلى إسلام آباد- على مشرف ضمانات يقوم على أثرها بتقديم استقالته من منصبه مقابل عدم محاكمته أو فرض الإقامة الجبرية عليه، وكذلك تمتعه بامتيازات يتمتع بها الرؤساء السابقون بعد تقاعدهم. وتظل جدة تتصدر الأخبار الرئيسية السياسية فى كثير من وسائل الإعلام العالمية، بعد أن ظلت لفترة طويلة مدينة اللاجئين، فهل من مزيد من اللاجئين السياسيين بعد تفجر الاحتجاجات فى دول أخرى؟!

فى مثل هذه الأيام قبل ثلاثين عاماً وتحديداً فى شهر يناير عام 1979 كان شاه إيران محمد رضا بهلوى يهيم على وجهه فى أرجاء الدنيا يبحث عن بلد يستقبله، بعدما خرج من إيران للمرة الأخيرة فى 16 يناير عام 1979 مطروداً من شعبه، بعدما أذاق شعبه الهوان والاستبداد عشرات السنين.

إلا أن الرئيس الراحل أنور السادات قرر استضافته فى مصر بعد أن ظل شريدا ليذهب بعدها إلى المغرب. كما استضافت مصر أيضاً الرئيس السودانى المخلوع جعفر النميرى، بعد ثورة ضده عام سنة 1985. وقد طلب النميرى اللجوء السياسى لمصر وعاش فى فيلا فى مصر الجديدة حتى سمح له الرئيس السودانى البشير أن يعود من جديد للسودان سنة 1999 وتوفى هناك.

أما العاصمة الأردنية عمان فقد استضافت عائلة الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، خاصة ابنته رغد، ورفضت تسليمها إلى الحكومة العراقية لمحاكمتها.